تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واستدلوا أيضاً بالقياس على المطلقة المبتوتة، إذ هي ممنوعة من الخروج لغير حاجة في قول الحنفية () والمالكية () والشافعية ()، ولما في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي ? فقال: ((بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً)) () فلما جاز لها الخروج للحاجة، فكذلك المتوفى عنها لاتفاقهما في علة المنع من الخروج وموجبه. قال الشافعي الصغير رحمه الله: ((قال الشافعي: ونخل الأنصار قريب من منازلهم، والجذاذ لا يكون إلا نهاراً، ورد ذلك في البائن ويقاس بها المتوفي عنها زوجها)) ().

وقال بعضهم في علة جواز خروج المتوفى عنها في النهار: إنها لا نفقة لها فتحتاج إلى الخروج نهاراً لطلب المعاش ().

وفي هذا القسم فرعان:

الفرع الأول: هل تشترط الحاجة لجواز خروج الحادة؟

ذهب بعض أهل العلم إلى عدم اشتراط الحادة لجواز خروج المعتدة نهاراً، فيجوز خروجها لما لا تحتاجه كحضور العرس ونحوه قال القرشي رحمه الله: ((وظاهر النقل جوازه – أي الخروج لغير الحوائج – فإنه قال: تخرج للعرس ولا تبيت إلا في بيتها)) ().

قال الزركشي رحمه الله: ((اشترط كثير من الأصحاب لخروجها في النهار الحاجة وأحمد وجماعة لم يشترطوا ذلك)) () فظهر بهذا أن أحمد رحمه الله لم يشترط الحاجة لكن هذا لا يعني جواز الخروج لغير حاجة، قال الزركشي رحمه الله: ((فلا حاجة في التحقيق إلى اشتراطه لأن المرأة وإن لم يكن متوفى عنها تمنع من خروجها من بيتها لغير حاجة مطلقاً)) (). قال الله تعالى مخاطباً أمهات المؤمنين: ? وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ

الْأُولَى ? (). قال القرطبي رحمه الله عند هذه الآية: ((وإن كان الخطاب لنساء النبي ? فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والاستنكاف عن الخروج منها إلا للضرورة)) () فاشتراط الحاجة لجواز الخروج إنما هو تأكيد للأمر السابق وذلك لأن المعتدة بحاجة إلى مزيد صيانة عن الرجال، ويؤيد ذلك ما أخرجه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: ((المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان)). قال الترمذي رحمه الله: ((حديث حسن غريب)) ().

أما ما نقله الخرشي عن مالك فالجواب عليه أن يقال: لعله قال ذلك لمن احتاجت إليه كأن يخرج أهلها لعرس وتستوحش بالبقاء وحدها فتخرج معهم مع أنه لابد أن تلتزم باجتناب الزينة وغيرها مما تمنع منها الحادة ويجب عليها أيضاً أن تعود إليه وأن لا تبيت إلا فيه. والله أعلم.

الفرع الثاني: حكم خروج الحادة ليلاً

أما خروجها ليلاً فظاهر مذهب الحنفية () والمالكية () والشافعية () ووجه عند الحنابلة () جوازه في الليل أيضاً أوله وآخره إلا أنها لا تبيت إلا في بيتها، ويشهد لهذا مرسل مجاهد المتقدم. كما يؤيده المعنى، فإن الحادة ممنوعة من الخروج إلا لحاجة، فإذا قامت الحاجة في أي وقت جاز لها الخروج والوجه الثاني عند الحنابلة منعها من الخروج ليلاً إلا لضرورة () لأن الليل مظنة الفساد. والصواب ما عليه الجمهور وهو اختيار شيخنا عبدالعزيز بن باز أثابه الله.

وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في مسألتين مما يتعلق بخروج الحادة خروجاً مؤقتاً.

المسألة الأولى: حكم خروج الحادة للحج

اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى فيما إذا أحرمت المرأة بالحج قبل موت زوجها بإذنه ثم خشيت فوات الحج لضيق الوقت فهل لها أن تخرج وهي حادة على قولين:

الأول: أنه يجب عليها الخروج للحج وهذا مذهب مالك () والشافعي () وأحمد () وعلة قولهم: ((أنهما عبادتان استوتا في الوجوب وضيق الوقت فوجب تقديم الأسبق منهما كما لو كانت العدة أسبق ولأن الحج آكد لأنه أحد أركان الإسلام والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه)) ().

القول الثاني: أنه ليس لها الخروج ولو أدى ذلك إلى فوات الحج، وهذا مذهب الحنفية وعللوا قولهم فقالوا: ((المقام في منزلها واجب لا يمكن تداركه بعد انقضاء العدة وسفر الحج واجب يمكن تداركه بعد انقضاء العدة لأن جميع العمر وقته فكان تقديم واجب لا يمكن تداركه بعد الفوت جمعاً بين الواجبين فكان أولى)) () وكلامهم متوجه فيما لو ابتدأته بعد موته كما هو رأي الجمهور، أما وقد أحرمت فأصبحت الموازنة بين واجبين يخشى فواتهما على حد سواء. فالحج وإن كان زمنه العمر كله لكن لما أحرمت به صار واجباً عليها للعام الذي أحرمت به لا يجوز لها تأخيره أو إخراجه عن وقته وإلا تترتب عليها أحكام فوات الحج. فتبين بهذا صحة ما ذهب إليه الجمهور. أما خروجها بعد وفاة زوجها فهي آثمة عند الأئمة الأربعة بلا خلاف () سواء كان خروجها للحج أو لسفر غيره. والله أعلم.

المسألة الثانية: حكم بقاء الحادة في المعتكف بعد وفاة زوجها.

اختلف أهل العلم في امرأة اعتكفت قبل موت زوجها هل يجب عليها إكمال الاعتكاف أو يجب عليها الخروج؟ على قولين:

القول الأول: أنه يجب عليها إكماله وهذا مذهب المالكية () وحكاه ابن قدامة عن ربيعة وابن المنذر () واحتجوا بأن الاعتكاف واجب والعدة واجبة فيقدم الأسبق.

القول الثاني: أنه يجب عليها الخروج من الاعتكاف لأجل العدة وهذا مذهب الجمهور () وحجتهم أن ((الاعتداد في بيت زوجها واجب فلزمها الخروج إليه كالجمعة في حق الرجل (). وأجابوا على المالكية فقالوا: إن كان هذا الاعتكاف واجباً فإنه لا يفوت لأنه يمكن قضاؤه وإن كان مستحباً فلا يشغل به عن الواجب. أما العدة فإنها تفوت ولا يمكن قضاؤها فيبدأ بالذي يخشى فواته، وكلامهم منتقض بوجوب خروج المعتكف للجمعة وسائر الواجبات التي يلزم فيها الخروج من المعتكف. والراجح ما ذهب إليه الجمهور من عدم وجوب الخروج من الاعتكاف فليس هذا عذراً يسوغ الاعتذار في المنزل والله أعلم.

وهذا الرابط لتحميل كتاب الشيخ المصلح

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13384

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير