[سكوت الإمام بعد ولا الضالين ليقرء المأموم]
ـ[وهج البراهين]ــــــــ[06 - 01 - 03, 07:35 م]ـ
الحمدلله والصلا والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فقد إنتشرت بدعة عند كثير من أئمة المساجد هرم عليها الكبير وربى عليها الصغير واتخذها الناس سنة إذا تركت قيل غيرت سنة وهي أن أحدهم إذا فرغ من قرآءة الفاتحة وفرغ من آمين سكت سكتة قبل قراءة سورة قائلا في نفسه أنتظر حتى يتمكن المأمومون من قراءة فاتحة الكتاب فاسكت بمقدارقرائتها ثم يقرأ بسورة بعد ذلك ظانا أنه قد أحسن بذلك العمل صنعا وهذا العمل بدعة محدثة من عدة وجوه:
الوجه الأول/ أن مثل هذا الإنتظار مبني عند البعض على التحسين العقلي في باب العبادات وهو ليس بحجة إلا على رأي المعتزلة فمن أين أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوايسكتون في مثل هذا الموطن0 وأسباب العبادات وصفاتها وكيفياتها وأوقاتها توقيفية لاعقلية أوذوقية قال علي: لو كان الدين بالرأي لكان المسح على باطن الخف أولى من الظاهريقول بن عمر كل بدعة ضلالة وإن رءاها المسلمون حسنة 0 فإن قيل ولكنهم قد اعتمدوا على حديث الحسن عن سمرة في السكتة قيل كما في الوجه الثاني0
الوجه الثاني / أن الحديث الوارد في هذه السكتة ضعيف سندا فإنه من رواية الحسن عن سمرة والحسن مدلس وهو مارواه أبو داود في سننه قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ تَذَاكَرَا فَحَدَّثَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ أَنَّهُ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكْتَتَيْنِ سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَحَفِظَ ذَلِكَ سَمُرَةُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَتَبَا فِي ذَلِكَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَكَانَ فِي كِتَابِهِ إِلَيْهِمَا أَوْ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِمَا أَنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ 0والحديث الضعيف كما قال شيخ الإسلام بن تيمية لاتبنى عليه أحكام شرعية
الوجه الثالث/ أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوها ولوفعلوها لكان مما تتوفر الدواعي للنقل لظهور الأمر وتكراره والحاجة إليه وأمانة النقلة وحرصهم رضي الله عنهم على نشر العلم الموروث عن رسول الله فلما لم ينقل علم أنها بدعة قال شيخ الإسلام بن تيمية في مجموع الفتاوى (2/ 146 - 147): ولم يستحب أحمد أن يسكت الإمام لقراءة المأموم ولكن
ولكن بعض أصحابه إستحب ذلك ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان يسكت سكتة تتسع لقراءة الفاتحة لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فلما لم ينقل هذا أحد من علم أنه لم يكن وأيضا لو كان الصحابة كلهم يقرؤون الفاتحة خلفه صلى الله عليه وسلم إما في السكتة الأولى وإما في السكتة الثانية لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله فكيف ولم ينقل أحد من الصحابة أنهم كانوا في السكتة الثانية يقرؤون الفاتحة مع أن ذلك لو كان شرعا لكان الصحابة أحق الناس بعلمه فعلم أنه بدعة0 قلت وبرهانه في الوجه الذي بعده0
الوجه الرابع/ قال مسلم في صحيحه: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ قَالَ أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ح و حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ كِلَاهُمَا عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرٍ قلت وفيه أن أباهريرة لو لحظ سكتة أخرى غير التي سئل عنها رسول لذكرها للرسول صلى الله عليه وسلم سائلا عنها ولكنه لم يذكر إلا الأولى فدل على ترك النبي صلى الله عليه وسلم لها كما أفاد شامة الشام ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى وصحة القول بأن سكوت الإمام بعد ولاالضالين بمقدار مايقرء المأمومون محدث لادليل عليه إلا الإستحسان وقد قال الشافعي من استحسن فقد شرع وأحسن من ذلك قول الله تعالى أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله
الوجه الخامس/ إذا كان ذلك كذلك فلا يقال يلزم من ذلك تضييق الأمر في قراءة الفاتحة خلف الإمام ولاصلاة لمن لم يقرء بأم الكتاب ودين الله يسر فنقول نعم يسرولكن كما يسرته الشريعة بالدليل الشرعي فالأصل في صفات العبادات وأوقاتها وأسبابها وشروطها وهيئاتها المنع حتى يأتي دليل شرعي والتيسير في قراءتها قد دل عليه فتوى لعبدالرحمن بن عوف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجها البخاري في جزء القراءة خلف الإمام ص33عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف عن ابي هريرة بسند حسن أفاده الألباني في السلسة الضعيفة (2 - 24): قال للإمام سكتتان فاغتنموا فيهما القراءة بالفاتحة) انتهى فالأولى قبل القراءة كلها كما أفاده حديث أبي هريرة والثانية قد ذكر بن القيم في الزاد أنها سكتة لطيفة بقدر مايرتد إليه النفس.
كتبه ماهر بن ظافر القحطاني
منقول من شبكة سحاب السلفية
¥