وإذا كان الحديث مشكلا بالنسبة لنا فينبغي أن نرده للمحكم الواضح. والإشكال في الحديث هو الالتباس والخفاء. فقد يشكل على بعض الناس ويلتبس عليهم الأمر فيظنون أن حديثا يناقض حديثا آخر أو يخالف القرآن أو اللغة أو العقل أو الحس .. إلخ. وهنا تظهر براعة المحدثين والفقهاء برفع هذا الإشكال بالتوفيق بين الحديثين المتعارضين، وذلك في علم خاص أطلقوا عليه اسم " علم مختلف الحديث " أو " علم مشكل الحديث ".كما ينبغي الرجوع إلى المختصين في الكلام على الأحاديث المشكلة فما عرفناه عملنا به وما جهلناه رددناه إلى عالمه وسألنا بأدب أهل الاختصاص للاستيضاح وإزالة الإشكال.
ثالثًا: وإليك القول الفصل لحل الإشكال عن الحديث، وبيان الفهم السديد لمراد النبي صلى الله عليه وسلم منه.
(1) فيقال لمن زعم: " أن من كانت حاله وحاجته مثل حاجة سالم جاز له الأمر ": إن حالة سالم مولى أبي حذيفة حالة نادرة ومرتبطة بلحظة تشريعية لن تتكرر. ومن سوى بين الحاجتين فقد أخطأ بدليل أن حاجة سالم غير ممكنة ولن تنطبق على أحد بعده، فسالم حضر إباحة التبني وكان ابنا بالتبني لأبي حذيفة وحضر بطلان التبني!! وإلى هذا التوجيه السَّديد أشار شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله، فقال في (الشرح الممتع 13/ 436): ((ليس مطلق الحاجة بل الحاجة الموازية لقصة سالم والحاجة الموازية لقصة سالم غير ممكنة لأن التبني أبطل فلما انتفت الحال انتفى الحكم)) اهـ. فمَنْ مِن الناس اليوم له مثل حكم سالم في التبني؟ لا أحد. ثم بعد بطلان التبني احتاج سالم لهذا الحكم فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هذه التي لا تنطبق على غيره، فهي حالة خاصة انتهت بانتهاء أطرافها.
(2) ومما يؤكد هذا الجواب - كما يبين ابن عثيمين - أن رضاع الكبير مُحَرَّم ولا يجوز: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: ((إيَّاكُم والدُّخول على النِّساء)) قالوا يارسول الله، أرأيت الحمو – وهو قريب الزوج كأخيه مثلا – قال: ((الحمو الموت)) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172). وكلنا يعلم أن الحمو في حاجة لأن يدخل بيت أخيه إذا كان البيت واحدا ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: " الحمو ترضعه زوجة أخيه " مع أن الحاجة ماسة لدخوله. فدل هذا على تحريمه للغير من باب أولى!
(3) إننا لو فتحنا الباب للقول بهذا الفهم - مع ما يُتَرَبَّص بالسنة من أحقاد الطاعنين على اختلاف صورهم وأشكالهم - لكان فيه مفسدة عظيمة. ولذا قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((والخلاصة: بعد انتهاء التبني نقول لا يجوز إرضاع الكبير، ولا يؤثر إرضاع الكبير بل لا بد إما أن يكون في الحولين وإما أن يكون قبل الفطام وهو الراجح)) اهـ، أي أن الرضاعة المحركة لا تكون إلا مع الطفل الذي لم يتجاوز العامين فقط. وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ((حديث سالم مولى أبي حذيفة خاص بسالم كما هو قول الجمهور لصحة الأحاديث الدالة على أنه لا رضاع إلا في الحولين وهذا هو الذي نفتي به)) اهـ ((مجموع فتاوى ابن باز 22/ 264).
وأخيرا: فليتق الله من يجترئ على تكذيب حديث النبي صلى الله عليه وسلم بجهله ورعونته، وليتق الله كذلك من يحرّف حديث النبي ويؤوله على هواه فيفتن الناس في دينهم، ولنحذر ممن يُدْخل أنفه في غير فنه؛ فقديما قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله: ((من تحدَّث في غير فنه أتى بالعجائب)).
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بَطَن. والحمد لله رب العالمين.
[email protected]
ـ[ابوعبدالله زياد]ــــــــ[21 - 05 - 07, 06:54 م]ـ
مجلس تأديب لصاحب فتوي "إرضاع الكبير"
عزت عطية يتراجع .. أملاً في العفو!
كتب - حسام حسين:
قرر المجلس الأعلي للأزهر تفويض جامعة الأزهر في إصدار قرار بوقف د. عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة عن العمل وإحالته إلي مجلس التأديب للتحقيق معه في فتواه حول "رضاع الكبير" التي أباح فيها للمرأة إرضاع زميل العمل بحيث يكون ابنها في الرضاعة .. منعاً للخلوة المحرمة ..
كان د. عزت عطية قد أصدر بيانا توضيحياً أعلن فيه تراجعه عن فتواه التي أثارت استياء علماء الدين والعامة بعد أن طرحت عبر وسائل الإعلام ويبدو أن بيانه جاء أملاً في العفو عنه. اعتذر د. عزت عن فتواه .. مؤكدا أنها مجرد اجتهاد شخصي خاطيء يخالف رأي الجمهور.
أوضح أنه يري أن الرضاعة في الصغر هي التي يثبت بها التحريم كما قال الأئمة الأربعة وأن رضاع الكبير كان واقعة خاصة لضرورة.
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[28 - 05 - 07, 02:11 ص]ـ
حديث سالم في الرضاع الكبير هو في صحيح مسلم و ليس في صحيح البخاري للتصحيح فقط.
ـ[عبدالمهيمن]ــــــــ[28 - 05 - 07, 02:34 ص]ـ
وأكد أن الإرضاع يكون بالتقام الثدي مباشرة وذلك لأن سالم الذي رضع كان كبيرا وله لحية، والحديث صحيح ومن يعترض عليه فيكون اعتراضه علي رسول الله.
اين التصريح ان سالما التقم ثدي امراة ابي حذيفة مباشرة؟؟؟
¥