نبذة عن حال الدولة العبيدية، نسباً، ومعتقداً
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[24 - 05 - 07, 03:39 ص]ـ
سؤال:
ما رأيكم فيمن يدعو إلى إعادة الخلافة " الفاطمية "، و " دولة العبيديين "، ويقول: إن الدولة المسماة بالدولة الفاطمية هي دولة الإسلام التي يكمن فيها الحل المناسب في الحاضر كما كان حلاًّ في الماضي؟
الجواب:
الحمد لله
قد أخطأ هذا القائل خطأ بالغاً حين نسب الدولة العبيدية للإسلام.
والدولة العبيدية – وأطلقوا عليها الدولة الفاطمية لأجل التغرير والتلبيس - أُسست في تونس سنة 297 هـ، وانتقلت إلى مصر سنة 362 هـ، واستقر بها المقام فيها، وامتد سلطانها إلى أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، مثل: الشام، والجزيرة العربية.
وقد بدأ حكمهم بالمعز لدين الله!! معاذ بن المنصور العبيدي، وانتهى بالعاضد عبد الله بن يوسف عام 567 هـ.
وقد تكلَّم أئمة السنَّة من العلماء والمؤرخين عن نسب هذه الدولة فيبنوا زيف ادعائهم أنهم ينتسبون لفاطمة رضي الله عنها، وبينوا ما فعلته من نشر الكفر والزندقة، وإيذاء أهل السنَّة، وتمكين الكفار، بل والتعاون معهم ضد المسلمين، ومن هؤلاء الأئمة والمؤرخين: أبو شامة، وابن تغري بردي، وابن تيمية، وابن كثير، والذهبي، وغيرهم كثير.
قال الإمام الذهبي عن " عبيد الله المهدي " وهو أول حكام تلك الدولة:
" وفي نسب المهدي أقوالٌ: حاصِلُها: أنَّه ليس بهاشميٍّ، ولا فاطميٍّ " انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (15/ 151).
وقال:
"وأهل العلم بالأنساب والمحقّقين يُنكِرون دعواه في النَّسبِ " انتهى.
" تاريخ الإسلام " حوادث سنة 321 - 330، ص 23.
ونقل عن أبي شامة - الذي كتب عن هذه الدولة كتاباً سمّاه " كشف ما كان عليه بنو عبيد من الكفر والكذب والمكر والكيد "- قوله:
" يدَّعون الشرف، ونسبتهُم إلى مجوسي، أو يهودي، حتى اشتهر لهم ذلك، وقيل: " الدولة العلوية " و " الدولة الفاطمية "، وإنما هي " الدولة اليهودية " أو " المجوسية " الملحدة، الباطنية " انتهى.
انظر " سير أعلام النبلاء " (15/ 213)، و " الروضتين في أخبار الدولتين " (1/ 216).
ومن أفعال حكام تلك الدولة واعتقادهم: ادعاء علم الغيب، وادعاء النبوة والألوهية، وطلب السجود من رعاياهم وأتباعهم، وسب الصحابة، وهذا توثيق بعض ما سبق وزيادة:
1. ادعاء الألوهية والربوبية:
نقل الذهبي رحمه الله أن الفقهاء والعبَّاد نصروا الخوارج في حربهم على الدولة العبيدية لما عندهم من كفر وزندقة، فعندما أراد أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي حرب بني عبيد قال الذهبي رحمه الله:
تسارع الفقهاء والعبَّاد في أهبَّة كاملة بالطبول والبنود، وخَطبهم في الجمعة أحمد بن أبي الوليد، وحرَّضهم، وقال: جاهدوا مَن كفر بالله، وزعم أنه رب من دون الله، ... وقال: اللهم إن هذا القرمطي الكافر المعروف بابن عبيد الله المدعي الربوبية جاحدٌ لنعمتك، كافر بربوبيتك، طاعن على رسلك، مكذب بمحمد نبيك، سافك للدماء، فالعنه لعناً وبيلاً، وأخزه خزياً طويلاً، واغضب عليه بكرةً وأصيلاً، ثم نزل فصلى بهم الجمعة.
" سير أعلام النبلاء " (15/ 155).
وممن كان يدعي الربوبية والإلهية الحاكم العبيدي حيث قال عنه الذهبي: " الإسماعيلي، الزنديق، المدعي الربوبية ".
" السير " (15/ 173).
وقال عنه أيضاً:
يقال: إنه أراد أن يدّعي الإلهية، وشرع في ذلك! فكلّمه أعيان دولته، وخوَّفوه بخروج النّاس كلهم عليه، فانتهى.
" السير " (15/ 176).
وممن حرض الحاكم على هذا الادعاء: " حمزة بن علي الزوزني " وهو من دعاة تأليه الحاكم، ومؤسس المذهب الدرزي ببلاد الشام.
قال الذهبي - رحمه الله – عنه:
وقد قُتل الدرزي الزنديق؛ لادعائه ربوبية الحاكم، وكان قوم من جهلة الغوغاء إذا رأوا " الحاكم " يقولون: يا واحد يا أحد، يا محيي يا مميت.
" السير " (15/ 180، 181).
وقال الذهبي – رحمه الله -:
قرأت في تاريخ صُنِّف على السنين، في مجلد، صنَّفه بعض الفُضَلاء، سنة بضع وثلاثين وستمائة، قدَّمه لصاحب مصر الملك الصالح: في سنة سبع وستين قال:
¥