تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يحرم استعمال أواني الذهب، أو الفضة؛ كالملاعق، والسكاكين، و الشوكات، والصحون، و الكاسات، ونحوها. في الأكل، أو الشرب منها، أو بها، على الرجال والنساء، بالإجماع في الشرب، إلا ما نقل عن معاوية بن قرة من إجازته ذلك ([6]). وأما الأكل فأجازه داود والحديث الآتي في الأدلة يرد عليه، ولعله لم يبلغه، وقول قديم للشافعي بالكراهية لا بالتحريم ([7]). قال النووي: (استعمال الإناء من ذهب أو فضة حرام على المذهب الصحيح المشهور، وبه قطع الجمهور. وحكي المصنف [الشيرازي] وآخرون من العراقيين والقاضي حسين وصاحباه المتولي و البغوي قولا قديما يعني للشافعي أنه يكره كراهية تنزيه ولا يحرم، وأنكر أكثر الخرسانيين هذا القول، وتأوله بعضهم على أن المشروب في نفسه ليس حراما… ومن أثبت القديم فهو معترف بضعفه في النقل والدليل) ([8]). وقال: (واعلم أن هذا القديم لا تفريع عليه وما ذكره الأصحاب ونذكره تفريع على الجديد) ([9]).

وخلاصة القول أنه يحرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة على مذاهب الأئمة الأربعة؛ بل هو إجماع عموم المسلمين. وقد عبر الحنفية عن الحرمة بالكراهية ([10]). قال المرغيناني: (قال في الجامع الصغير: يكره ومراده التحريم) ([11]). ومما يؤكد قول الإمام الشافعي رحمه الله ماجاء في الأم (فإن توضأ أحد فيها أو شرب، كرهت ذلك له، ولم آمره يعيد الوضوء، ولم أزعم أن الماء الذي شُرِبَ، ولا الطعام الذي أُكِلَ فيها محرم عليه، وكان الفعل من الشرب فيها معصية) ([12]). فقد سمى الشرب في الأواني المذكورة معصية؛ وهي من أسماء الحرام. والأم من الجديد، وما فيها هو جار على الجديد ([13]).

المطلب الرابع: الأدلة

استدل العلماء على حرمة استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب بما روى عبدالله بن عكيم قال: كنا مع حذيفة بالمدائن فاستسقى حذيفة فجاءه دِهْقَانٌ ([14]) بشراب في إناء من فضة فرماه به وقال:إني أخبركم أني قد أمرته ألا يسقيني فيه فإن رسول الله e قال:لا تشربوا في إناء الذهب والفضة ولا تلبسوا الديباج والحرير فإنه لهم في الدنيا وهو لكم في الآخرة يوم القيامة ([15]). وفي بعض طرقه كما رواه البخاري (حدثني

عبد الرحمن ابن أبي ليلى أنهم كانوا عند حذيفة، فاستسقى؛ فسقاه مجوسي، فلما وضع القدح في يده رماه به وقال: لولا أني نهيته غير مرة ولا مرتين، كأنه يقول لم أفعل هذا، ولكني سمعت النبي e يقول: لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ,لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها* فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة) ([16]). ليس المراد بقوله في الدنيا إباحة استعمالهم لها، وإنما يعني أن الكفار هم الذين يستعملون هذه الأواني مخالفة لزي المسلمين، وقوله: ولنا في الآخرة أي تستعملونه مكافأة لكم على تركه في الدنيا، ويمنعه أولئك جزاء لهم على معصيتهم باستعمالها في الدنيا. ولنهيه e عن الشرب في آنية الفضة؛ و قال:من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة) ([17]).

وعن أم سلمة أن رسول الله e قال: (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) ([18]). متفق عليه.

وسمي المشروب نارا لأنه يؤول إليها ([19])، كما قال تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) ([20]).

وجاء تحريم الشرب في آنية الذهب مصرحا به في حديث حذيفة، ومفهوما من الأحاديث التي نصت على الفضة؛ لأن الذهب أشد حرمة من الفضة؛ بدليل أن الرسول e رخص في التختم بالفضة للرجال، ولم يرخص في الذهب؛ فكان النص الوارد في الفضة واردا في الذهب دلالة من طريق الأولى؛ كتحريم الضرب والشتم بدلالة النص على التأفيف.

واستدلوا بالإجماع ([21]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير