تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد قصرالبعض الإجماع على الشرب إلا عن معاوية بن قرة منهم ابن المنذر، والشوكاني ([22]). أما محمد سعيد الباني ([23])؛ فقد نازع في الإجماع؛ حيث يرى أن أدلة التحريم إنما هي على الرجال، وأنها لا تشمل النساء. ويقول: (وأما الإجماع فإن كان حقيقيا بأن كان باتفاق كلمة علماء المسلمين فعلى الرأس والعين. وإن كان نسبيا بأن كان إجماع فقهاء مذهب أو أكثر فلا يصلح حجة على المخالفين. . ولكن يظهر أن الإجماع على اشتراك النساء مع الرجال بحظر الشرب بالآنية والأكل بالصحاف يكاد يكون إجماعا حقيقيا) ([24]).

والجواب على هذا أن الإجماع على تحريم الشرب والأكل في آنية الذهب والفضة على الرجال والنساء إجماع حقيقي وليس إجماع علماء مذهب، أو بلد، و قد نقله كثيرمن علماء المسلمين الثقات المعتبر نقلهم، منهم النووي، وابن عبدالبر، وموفق الدين ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن هبيرة، وابن مفلح، والشربيني، والرملي. والدسوقي، وغيرهم ([25]).

فهو حرام على الذكر والأنثى و الخنثى؛ مكلفا كان أو غيره؛ بمعنى أن وليه يأثم بفعل ذلك له؛ لعموم الأخبار وعدم المخصص، وجواز تحلي النساء لا يقاس عليه استعمالهن للآنية؛ لأن التحلي جاز للنساء لحاجتهن للتزين للأزواج ([26]).

وما روي عن معاوية بن قرة من جواز الشرب في آنية الفضة إن صح، وما روي عن داود الظاهري من جواز الأكل فيهما، والقول القديم للشافعي بالكراهة. فالجواب عليه من وجوه. أولها: بالنسبة للإمام الشافعي رحمه الله فقد عبر عن الحرام بالكراهة، ويقصد الكراهة التحريمية، كعادة العلماء في التورع عن التعبير بالحرام، يؤيده قوله في الأم ([27]) كما سبق أن نقلناه (وكان الشرب فيها معصية). قال الشيرازي (وقال في الجديد يكره كراهة تحريم وهو الصحيح) ([28]). وقال النووي: (والشافعي قد رجع عن هذا القديم، والصحيح عند أصحابنا وغيرهم من الأصوليين أن المجتهد إذا قال قولا ثم رجع عنه لا يبقى قولا له، ولا ينسب إليه. قالوا: وإنما يذكر القديم وينسب إلى الشافعي مجازا وباسم ما كان عليه، لا أنه قول له الآن) ([29]).

ثانيها: إن قولهم هذا مردود؛ لمخالفته الإجماع قبلهم ([30])؛ فمعاوية بن قرة تابعي، والشافعي، وداود الظاهري بعده ولم يذكر خلاف في هذا بين أحد من الصحابة؛ فكان الإجماع منعقدا قبل ما نسب إليهم من خلاف؛ فلا يؤثر قولهم هذا في صحة الإجماع.

ثالثها: يعتذر لداود بأن النهي عن الأكل في آنية الذهب والفضة لم يبلغه، وكذلك معاوية بن قرة لعله لم تبلغه أحاديث النهي عن الأكل والشرب فيهما ([31]).

رابعها: لا يشترط في انعقاد الإجماع اتفاق الجميع بل ينعقد بالأكثر مع مخالفة الأقل. وهو قول محمد بن جرير الطبري والإمام أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، وأبي الحسن الخياط من المعتزلة ([32]).

المطلب الخامس:تضبيب آنية الأكل والشرب بالذهب أو الفضة*

الضبة: قطعة من حديد، أو صفر أو نحوه، يشعب بها الإناء، وجمعها ضبات؛ مثل جنة وجنات. وضببته بالتثقيل جعلت له ضبة ([33]). و قال الجوهري: (الضبة حديدة عريضة، يضبب بها الباب، ثم تستعمل من غير الحديد، وفي غير الباب) ([34]).

المضبب: هو ما أصابه شق أو كسر ونحوه فيذاب في شقه شيء من الذهب أو الفضة أو نحوهما أو يربط كسره بسلك منهما، أو يوضع عليه صفيحة تضمه وتحفظه ([35]).

وسمي بالمضبب؛ لأن الضبة تضب كسره، أو شقه، فينضب.

حكم التضبيب بالفضة: للفقهاء في تضبيب الآنية بالفضة قولان:

القول الأول: يجوز التضبيب بالفضة؛ وهو قول الإمام أبي حنيفة، وهو المذهب عند الشافعية، والحنابلة، وعليه أكثر أصحاب المذهبين، وقول مرجوح في مذهب المالكية ([36]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير