تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1ـ العلة في ذلك الخيلاء وكسر قلوب الفقراء؛ قال بهذا جمهور العلماء من الحنفية، و المالكية، والشافعية والحنابلة ([146]).

2ـ وقال القرافي من المالكية: (وعلته السرف أو الخيلاء على الفقراء، أو الأمران معا) ([147]).

3ـ أضاف الحنابلة تضييق النقدين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لأن ذلك مظنة السرف باستعمال النقدين في غير ما خلقا له، والله لا يحب المسرفين، ومظنة الخيلاء والكبر لما في ذلك من امتهانهما، ومظنة الفخر، وكسر قلوب الفقراء والله لا يحب كل مختال فخور) ([148]). وقال البهوتي: (لأن في ذلك سرفا وخيلاء، وكسر قلوب الفقراء وتضييق النقدين) ([149]).

4ـ قال الشوكاني: (العلة هي التشبه بأهل الجنة؛ حيث يطاف عليهم بآنية من فضة. وذلك مناط معتبر للشارع، كما ثبت عنه لمارأى رجلا متختما بخاتم من ذهب فقال مالي أرى عليك حلية أهل الجنة، أخرجه الثلاثة من حديث بريدة وكذلك في الحرير وغيره، وإلا لزم تحريم التحلي بالحلي، والافتراش للحرير؛ لأن ذلك استعمال، وقد جوزه البعض من القائلين بتحريم الاستعمال) ([150]).

5ـ قال ابن رشد العلة هي: التشبه بالأعاجم ([151]).

6ـ وقال الشافعي: (إنما نهي عنه للسرف، والخيلاء، والتشبه بالأعاجم) ([152]). والتشبه بالأعاجم يعني بهم الفرس من المجوس وغيرهم ([153]).

7ـ قيل العلة عين الذهب والفضة ([154]).

مناقشة هذه الآراء

مناقشة التعليل الأول: يمكن مناقشة القول بأن علة التحريم الخيلاء وكسر قلوب الفقراء بأن الخيلاء حرام في ذاتها وفي جميع الأحوال، سواء اقترنت باستعمال آنية ذهب أو فضة، أولم تقترن بها، حتى الفقير المتكبر لا ينظر الله إليه، ولا يزكيه وله عذاب أليم، وإن لم يستعمل آنية الذهب أو الفضة قال e : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة أشيمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلابيمينه رواه الطبراني في الثلاثة إلا أنه قال في الصغير والأوسط ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. ([155]) فذكره. قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح ([156]). (وعلة الحظر التي يبنى عليها القياس يجب أن تكون مشتملة على المحظور على سبيل المساواة طردا وعكسا. والخيلاء لا تصلح أن تكون علة حظر استعمال الذهب لاطردا ولاعكسا؛ لأن الشرب بآنية الذهب والفضة محظورة بإجماع الفقهاء وإن لم يقصد بها الخيلاء. والزينة بالأحجار الكريمة مباحة باتفاق الجمهور ما لم يقصد بها الخيلاء) ([157]). أما كسر قلوب الفقراء فيرد عليه جواز استعمال الأواني من الجواهر النفيسة وغالبها أنفس وأكثر قيمة من الذهب والفضة ولم يمنعها إلا من شذ ([158]) كما أن الفقراء يصدع قلوبهم ما هو أعظم من استعمال أواني الذهب والفضة وذلك عندما يشم الفقير رائحة الطعام الزكية من مطابخ الأغنياء وهو يتضور جوعا لفقدانه كسيرة خبز تسد رمقه، وكذلك عندما ينظر ملابس الموسرين الفاخرة وهو يلبس الأسمال البالية التي لا تقيه حر القيظ، ولا زمهرير الشتاء ([159])، وحينما ينظر إلى من يركبون السيارات الفخمة الأنيقة المكيفة، وهو لا يجد ما يمكنه من ركوب سيارات الأجرة العامة، فهذا البائس وأمثاله من البؤساء المساكين لا يلتفتون إلى استعمال غيرهم لأواني الذهب أو الفضة، ولا يحسون في ذلك الاستعمال متعة فقدوها، بل لا يخطر لهم على بال، بل هم في شغل شاغل عن ذلك لانصراف قلوبهم إلى ما هو أهم وأعظم من الحاجات الضرورية، وإذا كان لذيذ الأطعمة، وجميل الألبسة، والتمتع بالسيارات الفارهة، والمساكن الجميلة، والبساتين الغناء، التي يمتلكها ويتنعم بها الأغنياء، غير محظور شرعا، ولا يقول بحرمته أحد من العلماء، قال تعالى (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) ([160])، وإذا كان هذا أشد انكسارا لقلوب الفقراء من استعمال أواني الذهب أو الفضة فلا يعقل أن تكون علة التحريم كسر قلوب الفقراء، على أن هذا التعليل يقتضي مساواة بني البشر في موارد الرزق، وهذا لم ترد به شريعة من الشرائع السماوية؛ لمصادمته نواميس الاجتماع البشري.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير