تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقاتل المسلم مهما فرَّ في هذه الدنيا، فإنَّه لن يفلت يوم القيامة، ولن يتركه المقتول يوم القيامة، فقد صحَّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول: يا رب هذا قتلني فيقول له: لما قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لك فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول: يا رب، إنَّ هذا قتلني فيقول الله: لما قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان فيقول الله تعالى: ((إنها ليس لفلان فيبوء بإثمه)))) (36) وفي رواية للنسائي (37) أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة فيقول: سَلْ هذا فيم قتلني؟)) فهذا هو الحساب وهو أشد أنواع الحساب فهو ليس تحقيقاً دنيوياً يستطيع به بعضهم أن يتخلص ببعض من يكون للخائنين ظهيراً.

فاحذر أخي المسلم كل الحذر أنْ تقع في دم حرام فتقتل أحداً من أجل فلان أو مُلْكِ فلان أو إمارة فلان، فإنهم لن ينفعوك شيئاً عند الله، ولن يدفعوا عنك شيئاً من عذاب الله. وروى النسائي (38) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: ((يجيء المقتول متعلقاً بالقاتل تشخب أوداجه دماً فيقول: أي رب سَلْ هذا فيم قتلني؟)) وعند ابن ماجه (39) والترمذي (40) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

((يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً فيقول: يا رب سَلْ هذا فيم قتلني؟ حتى يدنيه من العرش)).

إذن احذر أخي المسلم أنْ يكون لك أحدٌ بالمرصاد يوم القيامة فإنَّ من تقتله في الدنيا لن يتركك في الآخرة، بل هو لك بالمرصاد. والله سبحانه وتعالى لما جعل للنفس المسلمة هذه الحصانة الكبيرة؛ ذلك لأنَّ نفس المسلم لها مكانة وحرمة، فليس أحد يملكها أو يملك إزهاقها، بل إنَّ ذلك ممنوع غاية المنع، ولا يجوز إلا بإذن من الله تبارك وتعالى وإذن رسوله صلى الله عليه وسلم.

بل حتى نفسك التي بين جنبيك لا تملكها أنت ولا يحل لك إزهاقها؛ ولهذا جاء الوعيد الشديد فيمن يقتل نفسه متعمداً؛ ففي الصحيحين (41) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((من تَردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يَتردّى فيها خالداً مُخلَّداً فيها أبداً، ومن تَحسَّى سُماً فقتل نفسه فَسُمُّه في يده يتحسَّاهُ في نار جهنم خالداً مُخلّداً فيها أبداً، ومن قتلَ نفسَه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مُخلّداً فيها أبداً)). وروى البخاري (42) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم

قال: ((والذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعن نفسه في النار، والذي يقتحم يقتحم في النار)). وفي الصحيحين (43) من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال، وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّبَ به يوم القيامة، ومن لعن مؤمناً فهو كقتله، ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقتله)). ولفظ جامع الترمذي (44):

((ليس على المرء نذر فيما لا يملك، ولاَعِنُ المؤمن كقاتله، ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقاتله، ومن قتل نفسه بشيء عُذِّبَ بما قتل به نفسه يوم القيامة)).

فتنبه أخي المسلم الكريم دائماً بأنَّ مسألة قتل النفس بغير حق من الأمور الخطيرة التي تضيّق على من ارتكبها الدنيا بما فيها، فمجرد أنْ يقع المسلم في هذه الجريمة تضيق عليه الأرض وتضيق عليه نفسه لذا قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لن يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ نفساً حراماً)) (45) وفي رواية لأبي داود (46) عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال المؤمن مُعنقاً (والمعنق هو طويل العنق الذي له سوابق بالخير) ما لم يُصِبْ دماً حراماً … .. )) وروى البخاري (47) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حلة)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير