تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم قد بيّن لنا فضل من خرج من الدنيا ولم يتلطخ بدم المسلم فقال: ((من لقي الله لا يشرك به شيئاً لم يتند بدم حرام دخل الجنة)) (48). فهنيئاً لمن خرج من الدنيا ولم يتلطخ بدم مسلم، وهنيئاً لمن خرج من الدنيا ولم يحمل مسلماً على ظهره يأتي به يوم القيامة، هنيئاً لمن خرج من الدنيا وقد سلم المسلمون من لسانه ويده، هنيئاً لمن فارق الدنيا ولم يقترف جريمة يسفك بها دم مسلم.

تذكّر أخي المسلم وصية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((إنَّ أول ما ينتن من الإنسان بطنه، فمن استطاع أنْ لا يأكل إلا طيباً فليفعل، ومن استطاع أنْ لا يحال بينه وبين الجنة بملء كف من دم أهراقه فليفعل)) (49).

فاحذر أخي المسلم كل الحذر أنْ يحول بينك وبين الجنة ملء كف من دم تهريقه بغير حقه.

واعلم أخي المسلم الكريم أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يحذِّر أمته من الأمور التي تدعو الإنسان إلى أنْ يقتل مسلماً أو أنْ يجرح مسلماً، ومن ذلك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى أنْ يمر المسلم،

ومعه السهام في أسواق المسلمين، أو في مساجد المسلمين، أو في أي مكان من أماكن تجمعهم، إلا أن يكون النصل مغطىً حتى لا يجرح به مسلماً، وهو لا يشعر. فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((إذا مَرَّ أحدكم بمسجدنا أو في سوقنا، ومعه نبل فليمسك عن نصالها بكفه، لا يعقر مسلماً)) (50) ومن تلك الأمور التي حذّر منها النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى عن الإشارة إلى المسلم بأي شيء يحتمل أنْ يقتله أو يجرحه، نهى عن ذلك وأخبر أنّ من فعل ذلك فأنَّه ربما نال اللعنة والوعيد الشديد؛ لذلك قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((لا يُشِرْ أحدُكم على أخيه بالسلاح؛ فإنَّه لا يدري لعل الشيطان ينزع يده فيقع في حفرة من النار)) (51).

وصحّ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: ((من أشار إلى أخيه بحديدة فإنَّ الملائكة تلعنه، وإنْ كان أخاه لأبيه وأمه)) (52). وصحّ أنَّه صلى الله عليه وسلم نهى أنْ يُتعاطَى السيف مسلولاً (53)، وكل هذا الاحتراز لشدة حرمة المسلم على المسلم؛ فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك خشية أنْ يكون هناك خطأ فيقع السيف ويجرحك أو يؤذيك أو يقع على أخيك، وإذا كان ذلك في الأسلحة القديمة فهو في الأسلحة الحديثة أشد تأكيداً؛ لأنَّ الضرر أعظم، والخطر أكبر، والعلة تدور مع الحكم وجوداً وعدماً. ومن الأمور التي يستفاد منها خطورة أمر دماء المسلمين، هو أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حذّر من الدخول في الفتن، وما ذلك إلا لأن لا يقع المسلم في دماء المسلمين؛ لخطورة الأمر وشدته، فالفتن مظنة لأنْ يكون هناك قاتل ومقتول، فالفتن إذا سعرت وابتدأت صعب على الناس إطفاؤها. فنبينا صلوات الله وسلامه عليه قد حذّر أمته من الفتن، وبيّن أنَّها ستحدث وستكون في هذه الأمة فقد صحّ أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي من تَشرّف لها تستشرفه، ومن وجد فيها ملجئاً أو معاذاً فليعذ به)) (54) هكذا بيّن لنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ المخلَص من الفتن أنْ يهرب منها المسلم قدر الاستطاعة.

فاحذر أخي المسلم من الوقوع في الفتن، فالفتنةُ قد تُريكَ الحقَ باطلاً والباطلَ حقاً. وقد تعميك وتصمك وأنت لا تشعر، وقد أخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الفتن ستقع في أمته فقال:

((إذا وضع السيف في أمتي لم يرتفع عنها إلى يوم القيامة)) (55) وأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه ستأتي فتن في آخر الزمان يكثر فيها القتل وتكثر فيها الفتن حتى أنه من شدة الفتن يمر الرجل على القبر ويتمرّغ عليه ويقول: يا ليتني صاحب هذا القبر، من شدة ما يرى من الفتن والأمور العظيمة؛ ففي الصحيحين (56) من حديث أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بالقبر فيقول: يا ليتني مكانه)) وقال أيضاً: ((والذي نفسي بيده ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يدري القاتلُ في أيِّ شيءٍ قَتَلَ، ولا يدري المقتولُ على أيِّ شيءٍ قُتِلَ)) (57) وفي رواية لمسلم: ((والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير