على الناس يومٌ، لا يدري القاتل فيم قَتَلَ ولا المقتول فيم قُتِلَ، فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: الهرج القاتل والمقتول في النار)) (58). ونبينا صلى الله عليه وسلم حينما يذكر ذلك إنما يذكره ليحذرنا من أن نكون من أولئك أو من أن نشارك في سفك تلك الدماء أو أن نتلطخ فيها، أو أن نلقى الله بها، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي ? قال: ((يَتقاربُ الزمانُ ويُقبَضُ العلمُ ويُلقَى الشحُّ ويَكثرُ الهرجُ، فقيل: وما الهرجُ؟ قال: القتل)) (59) وقال أيضاً: ((إنَّ بين يدي الساعة لهرجاً))، قال: قلت: يا رسول الله ما الهرج؟ قال: ((القتل))، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، إنا نقتل الآن في العام الواحد من المشركين كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس بقتل المشركين، ولكن يقتل بعضكم بعضاً، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته)) فقال بعض القوم: يا رسول الله، ومعنا عقولنا ذلك اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا، تنزع عقول أكثر ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم)) (60).
فعلى المسلم أن يبتعد عن الفتن كل الابتعاد؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إذا أدركوا الفتن أو أحسوا بالفتن أنْ يبتعدوا عنها كل الابتعاد، وأنْ يهربوا منها كل الهرب؛ لأنَّ الفرار من الفتنة من الدين؛ لذا بوّب البخاري في صحيحه: باب من الدين الفرار من الفتن (61).
أخي المسلم الكريم، إنَّ المسلم ينبغي له أنْ يحذر من الدخول في الفتن، وأنْ يستعيذ بالله تعالى منها -فقد كان عمار بن ياسر يستعيذ من الفتن – وأنْ يحذر أنْ يشارك فيها بقول أو فعل أو رأي أو بغير ذلك؛ فإنَّ الفتن إذا صارت لم يسلم منها أحد إلا مَن رَحِمَ اللهُ.
هذا وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسلمياً كثيراً.
.................................................. ...
(1) أخرجه: أبو داود (4502)، وابن ماجه (2533)، والترمذي (2158)، والنسائي 7/ 91 وفي الكبرى، له (3482) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
(2) أخرجه: النسائي 7/ 82 وفي الكبرى، له (3448) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(3) أخرجه: البخاري 9/ 6 (6878)، ومسلم 5/ 106 (1676) (25).
(4) تفسير ابن كثير: 514 و515.
(5) تفسير ابن كثير: 516.
(6) أخرجه: ابن ماجه (2539)، وابن عدي في " الكامل " 3/ 280.
(7) أخرجه: البخاري 1/ 109 (393).
(8) أخرجه: الحميدي (488)، وأحمد 1/ 240، وعبد بن حميد (680).
(9) 7/ 81 وفي " الكبرى "، له (3446).
(10) أخرجه: البخاري 9/ 3 (6864)، ومسلم 5/ 107 (1678) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
((دون الشطر الأول)).
(11) أخرجه: أحمد 4/ 148، وابن ماجه (2618)، والحاكم 4/ 351 - 352.
(12) 9/ 7 (6882) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(13) 9/ 80 (7152).
(14) هم الذين يقتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم فيرى أنه على هدا ولا يستغفر الله منه أبداً. مسند الشاميين 2/ 266.
(15) أخرجه: أبو داود عقب (4270).
(16) أخرجه: البخاري 9/ 2 (6862).
(17) أخرجه: البخاري 1/ 41 (121)، ومسلم 1/ 58 (65) (118) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
(18) أخرجه: نعيم بن حماد في الفتن (489).
(19) أخرجه: نعيم بن حماد في الفتن (490).
(20) أخرجه: الطبراني في الكبير (319).
(21) البخاري 1/ 14 (31)، ومسلم 8/ 169 (2888) (14).
(22) سبق ذكره.
(23) 9/ 64 (7083).
(24) 8/ 170 (2888) (16).
(25) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (9211)، وما تقدم من كلام عن هذه القصة اقتباس من محاضرة للشيخ فهد الحربي بعنوان القاتل والمقتول، جزاه الله خير الجزاء.
(26) سبق تخريجه.
(27) أخرجه: الترمذي (1395) بهذا اللفظ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
(28) أخرجه: ابن ماجه (2619) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
(29) أخرجه: بهذا اللفظ ابن الجارود (551) وأخرجه: أبو داود (3207)، وابن ماجه (1616) بلفظ: ((كسر عظم الميت ككسره حياً)).
¥