تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[زياد عوض]ــــــــ[06 - 06 - 07, 04:25 ص]ـ

قال ابن القيم في مدارج السالكين:

فصل ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الحزن وليست من المنازل

المطلوبة ولا المأمور بنزولها وإن كان لا بد للسالك من نزولها ولم يأت الحزن في القرآن إلا منهيا عنه أو منفيا فالمنهي عنه: كقوله تعالى: ولا تهنوا ولا تحزنوا آل عمران: 139 وقوله: ولا تحزن عليهم النحل: 127 فى غير موضع وقوله: لا تحزن إن الله معنا التوبه: 40 والمنفي كقوله: فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون البقره: 38 وسر ذلك: أن الحزن موقف غير مسير ولا مصلحة فيه للقلب وأحب شيء إلى الشيطان: أن يحزن العبد ليقطعه عن سيره ويوقفه عن سلوكه قال الله تعالى: إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا المجادله: 10 ونهى النبي الثلاثة أن يتناجى اثنان منهم دون الثالث لأن ذلك يحزنه فالحزن ليس بمطلوب ولا مقصود ولا فيه فائدة وقد استعاذ منه النبي فقال اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن فهو قرين الهم والفرق بينهما: أن المكروه الذي يرد على القلب إن كان لما سيتقبل: أورثه الهم وإن كان لما مضى: أورثه الحزن وكلاهما مضعف للقلب عن السير مقتر للعزم ولكن نزول منزلته ضروري بحسب الواقع ولهذا يقول أهل الجنة إذا دخلوها: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن فاطر: 34 فهذا يدل على أنهم كان يصيبهم في الدنيا الحزن كما يصيبهم سائر المصائب التي تجري عليهم بغير اختيارهم وأما قوله تعالى: ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت: لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا: أن لا يجدوا ما ينفقون التوبه: 92 فلم يمدحوا على نفس الحزن وإنما مدحوا على ما دل عليه الحزن من قوة إيمانهم حيث تخلفوا عن رسول الله لعجزهم عن النفقة ففيه تعريض بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلفهم بل غبطوا نفوسهم به وأما قوله في الحديث الصحيح: ما يصيب المؤمن من هم ولا نصب ولا حزن إلا كفر الله به من خطاياه فهذا يدل على أنه مصيبة من الله يصيب بها العبد يكفر بها من سيئاته لا يدل على أنه مقام ينبغي طلبه واستيطانه وأما حديث هند بن أبي هالة في صفة النبي: إنه كان متواصل الأحزان فحديث لا يثبت وفي إسناده من لا يعرف وكيف يكون متواصل الأحزان وقد صانه الله عن الحزن على الدنيا وأسبابها ونهاه عن الحزن على الكفار وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فمن أين يأتيه الحزن بل كان دائم البشر ضحوك السن كما في صفته: الضحوك القتال صلوات الله وسلامه عليه وأما الخبر المروي: إن الله يحب كل قلب حزين فلا يعرف إسناده ولا من رواه ولا تعلم صحته وعلى تقدير صحته: فالحزن مصيبة من المصائب التي يبتلي الله بها عبده فإذا ابتلى به العبد فصبر عليه أحب صبره على بلائه وأما الأثر الآخر إذا أحب الله عبدا نصب في قلبه نائحة وإذا أبغض عبدا جعل في قلبه مزمارا فأثر إسرائيلي قيل: إنه فى التوراة وله معنى صحيح فإن المؤمن حزين على ذنوبه والفاجر لاه لاعب مترنم فرح وأما قوله تعالى عن نبيه إسرائيل: وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم يوسف: 84 فهو إخبار عن حاله بمصابه بفقد ولده وحبيبه وأنه ابتلاه بذلك كما ابتلاه بالتفريق بينه وبينه وأجمع أرباب السلوك: على أن حزن الدنيا غير محمود إلا أبا عثمان الحيري فإنه قال: الحزن بكل وجه فضيلة وزيادة للمؤمن ما لم يكن بسبب معصية قال: لأنه إن لم يوجب تخصيصا فإنه يوجب تمحيصا فيقال: لا ريب أنه محنة وبلاء من الله بمنزلة المرض والهم والغم وأما أنه من منازل الطريق: فلا والله سبحانه أعلم

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[06 - 06 - 07, 12:30 م]ـ

هل من مجيب؟

وسؤال اخر:

من اين ياتي السرور اذا وقع عليك ظلم عظيم وقذف ممن حسبتهم اقرب الخلق اليك؟.

اليس من البلاهة والغفلة ان تكون مسرورا وان تضع قول الله عز وجل وراءك {ان الله لايحب الفرحين}

الم يكن السلف الصالح في حزن دائم,

أخي الكريم: لا شك أن استدلالك بهذه الآية هو استدلال في غير محله، وإليك ما قاله أهل العلم فيها:

في "زاد المسير" قال ابن الجوزي – رحمه الله تعالى –:

[قوله تعالى لا تفرح قال ابن قتيبة المعنى لا تأشر ولا تبطر قال الشاعر

ولست بمفراح إذا الدهر سرني **** ولا جازع من صرفه المتحول

أي لست بأشر فأما السرور فليس بمكروه].

وفي تفسير ابن كثير قال:

[وقوله: {إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين} أي وعظه فيما هو فيه صالحو قومه فقالوا على سبيل الإرشاد لا تفرح بما أنت فيه، يعنون لا تبطر بما أنت فيه من المال {إن الله لا يحب الفرحين} قال ابن عباس: يعني المرحين؛ وقال مجاهد: يعني الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم]

وقال في تفسير الجلالين:

[{لا تفرح} بكثرة المال فرح بطر {إن الله لا يحب الفرحين} بذلك].

فتبين أن الفرح المنهي عنه هو فرح البطر والأشر، لا السرور بنعم الله عز وجل المادية ولاالمعنوية، وأعظم هذه النعم هي نعمة الهداية لهذا الدين، ونعمة التوحيد، ولذا قال تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.

فلا تعارض بين سرور الإنسان وحرصه على أسباب ذلك، وبين ما يصيب الإنسان من حزن وغم وهم لسبب أو لآخر، فهذا سيد الأولين نبينا صلى الله عليه وسلم يضحك حتى تبدو نواجذه، ويكثر تبسمه مع صحابته وسائر الخلق، ومع ذا فإنه حزن حزنا شديدا يوم قتل حمزة – رضي الله عنه -، وحزن لموت خديجة – رضي الله عنها -، وحزن لقتل القراء، بل وغضب ودعا على رعل وذكوان، فلا تعارض البتة.

وأما فعل بعض العباد والزهاد، في أخذهم العهد على نفسه بألا يضحك حتى يعرف طريقه ألجنة أم لنار، فهذا خطأ مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأما الصحابة الكرام فما منهم أحد إلا وأُثر عنه الحزن، والسرور، فلا تعارض البتة.

والله الموفق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير