وفي عام 1374هـ أصدر سمو وزير الداخلية آنذاك الأمير عبد الله الفيصل قراراً شفهياً لهيئة المحكمة الكبرى بمكة المكرمة للوقوف على الميل القائم والبارز بالمسعى من جهة الصفا، لتنفيذ إرادة الملك سعود - رحمه لله - بإضافة دار آل الشيبي، ومحل الأغوات الواقعين بين موضع السعي من جهة الصفا وبين الشارع العام الملاصق للمسجد الحرام مما يلي باب الصفا، وتقرير ما يلزم شرطاً بشأن الميل المذكور.
وإنفاذا لهذه التوجيهات، فقد قامت الهيئة المعنية بالوقوف على الميل المذكور، مصطحبين معهم مهندس فنياً، وجرى البحث فيما يتعلق بتحديد عرض السعى مما يلي الصفا، وقد أصدرت اللجنة قراراً برقم (35) بتاريخ 23/ 9/1374هـ نصه: ((أن هذا الميل يقع على يسار الخارج، من باب الصفا القاصد إلى الصفا، وفي مقابل هذا الميل من الجهة الغربية على مسامتة ميل آخر ملتصق بدار الأشراف المناعمة، بينهما طريق الخارج من باب الصفا في سيره إلى الصفا، وما بين الميل الأول المذكور الذي بركن دار الشيبي المنتزعة ملكيتها حالا والمضافة إلى الصفا، وبين الميل الذي بركن دار المناعمة ثمانية أمتار وثلاثون سنتيمترا، هي سبعة عشر ذراعاً، ومن دار المفتاح التي تقع بين الساعي من الصفا إلى الميل الأول الواقع بدار الشيبي تسعة عشر متراً وثمانين سنتيمترا، كما أن بين الميل الذي بقرب الخاسكية ببطن الوادي، والميل الذي يجاريه بركن المسجد الحرام ستة عشر متراً ونصف متر، كما أن بين الميل الذي بدار العباس وباب العباس ستة عشر متراً ونصف متر تقريباً، هذا التقرير الفني من حيث المساحة)).
ثم جاء في التقرير ذاته تحت عنوان: ثانياً ما نصه: ((قد جرت مراجعة كلام العلماء فيما يتعلق بذلك، قال في صحيح البخاري، باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة وقال ابن عمر رضي الله عنهما: السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين)) (). قال في الفتح (): ((نزل ابن عمر من الصفا حتى إذا حاذى باب بني عباد سعى حتى إذا انتهى إلى الزقاق الذي يسلك بين دار بني أبي حسين ودار بنت قرظة، ومن طريق عبيد الله بن أبي يزيد قال: رأيت ابن عمر يسعى من مجلس أبي عباد إلى زقاق بن أبي حسين قال سفيان هو بين هذين العلمين)) انتهى ().
والمقصود بهذا والله أعلم: سعيه في بطن الوادي، ولم نجد للحنابلة تجديداً لعرض المسعى.
ثم ساق التقرير المذكور قول ابن قدامة في المغني وفي الشرح الكبير، وكلام النووي والرملي من علماء الشافعية في تفصيل ذلك، وهو نفس القول الذي أوردته مفصلاً في بحثنا هذا ص (33).
ثم أوردوا في تقريرهم كلام المؤرخين، فذكروا كلام الأزرقي والذي نصه: ((وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبد المطلب وبينهما عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ذراع، ومن العلم الذي على باب العباس إلى العلم الذي عند دار ابن عباد الذي بحذاء العلم الذي في حد المنارة وبينهما الوادي مائة ذراع وإحدى وعشرون ذراعاً)).
ثم نقل كلام الإمام قطب الدين الحنفي في تأريخه: المسعى بالأعلام، لما ذكر قصة تَعَدِّ ابن الزَمِن على اغتصاب البعض من عرض المسعى في سلطنة الملك الأشراف قايتباي المحمودي إلا أن قاضي مكة وعلمائها أنكروا عليه، وقالوا له في وجهه: إن عرض المسعى كان خمسة وثلاثون ذراعاً، وأحضر النقل من تأريخ الفاكهي، وذرعوا من ركن المسجد إلى المحل الذي وضع فيه ابن الزمن أساسه فكان سبعة وعشرون ذراعاً ... إلخ.
وقال باسلامة في تاريخه (عمارة المسجد الحرام): وذرع ما بين العلم الذي عند باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على دار العباس بن عبد المطلب، وبينهما عرض المسعى ستة وثلاثون ذراعاً ونصف، ومن العلم الذي على باب دار العباس إلى العلم الذي عند دار ابن عباد الذي بحذائه العلم الذي في حد المنارة وبينهما الوادي مائة ذراع وإحدى وعشرون ذراعاً. انتهى.
ثم أفاد التقرير بأن أعضاء الهيئة قاموا بمراجعة صكوك دار الشيبي، فوجد أن أقدمها صك مسجل بسجل المحكمة الكبرى بمكة بعدد (57) بتاريخ 25 محرم 1271هـ قال في حدودها:
شرقاً: الحوش الذي هو وقف الواقف.
وغرباً: الصفا، وفيه الباب.
وشاماً: الدار التي هي وقف خاسكي سلطاني.
ويمناً: الدار التي هي وقف الأيوبي.
¥