تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حصداً حتى توافوني بالصفا).

ثم ذكر أبو هريرة طوافه - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالكعبة، وما جرى على الصفا من المعاتبة، وإظهار الأنصار محبتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخوفهم أن يمكث بمكة بعد الفتح، ويدع مدينتهم، قال - رضي الله عنه -: (ثم أتى - صلى الله عليه وسلم - الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، قال: والأنصار تحته، قال: يقول بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته - يعنون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: وجاء الوحي، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (يا معشر الأنصار أقلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته؟ قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم، والممات مماتكم. قال فأقبلوا إليه يبكون، ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن (أي: البخل بالله ورسوله). قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم).

* وعلى الصفا كانت البيعة بعد فتح مكة كما ذكر الإمام جرير فقد قال: (ثم اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام فجلس لهم فيما بلغني على الصفا، وعمر بن الخطاب أسفل من مجلسه، فأخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا). تاريخ ابن كثير (6 - 616).

التعدّي على المسعى

* لقد ذكر المؤرخون للمسعى تعديات بعض الناس عليه؛ لِيُعْرف الفرقُ بين المصلح والمفسد؛ وليشكر المؤمنون نعمة الله عليهم بالأمن حال أداء نسكهم، وبضدها تتبين الأشياء.

فمما أوذي به الناس في ذلك المكان المعظَّم المشرَّف ما جرى في سنة تسع عشرة وست مائة، فقد ذكر صاحب (إتحاف الورى) (3 - 34) أن صاحب اليمن المسعود بن يوسف سار إلى مكة فقاتل صاحبها حسن بن قتادة بالمسعى بين الصفا والمروة ببطن مكة، وهزمه وولّى مدبراً، وملكها مسعود، ونهبها عسكره إلى العصر؛ حتى أخذوا الثياب عن الناس وبدا منه تجبّرٌ وقلة دين، ومن ذلك:

ضرب غلمانه الناس بالمسعى بالسيوف في أرجلهم وهم يسعون! ويقولون: اسعوا قليلاً قليلاً (أي: بهدوء) فإن السلطان نائم في دار السلطنة بالمسعى!! والدم يجري من سيقان الناس.

* ولا تعجب فما فعله أتباع المهدي المزعوم الكذّاب بالصفا والمروة أعظم وأطمّ، فقاتل الله جماعات (التكفير) والتفجير التي تزعم الدعوة والجهاد والحياة (في ظلال القرآن) وتنادي بإعادة الخلافة الإسلامية والخروج في سبيل الله و (التبليغ)، فتسرق شبابنا وتجندهم للتخريب في بلادنا، وتسفك دماء الموحدين من رجال الأمن والعلماء الناصحين؛ فاحذروا ما يسمى (الجماعات الإسلامية) فإن غالبها بُنِي على فكر (الصوفية) القبوريين أو (الخوارج) التكفيريين.

قال النهرواني في (الإعلام بأعلام بيت الله الحرام) ص139: ومن عجيب ما نُقل في التعدي على المسعى واغتصابه ما وقع قبل عصرنا هذا بنحو مائة عام في أيام دولة الجراكسة في سلطنة الأشرف قايتباي المحمودي سامحه الله تعالى، ثم أورد الحادثة وأوردها غيره كالنجم بن فهد في (إتحاف الورى) وحاصلها: أنه كان للسلطان الأشرف تاجر يستخدمه قبل السلطنة اسمه ابن الزّمن وكان مقرباً منه بعد سلطنته، وأرسله إلى مكة ليقوم ببعض شؤونه هناك، وكان مما أقدم عليه ابن الزمن هذا: أنه بنى ميضأة أمر بعملها السلطان الأشرف، وقيل بل بناها لنفسه، يحدها من الغرب: المسعى الشريف، ومن الجنوب: مسيل وادي إبراهيم الذي يقال له الآن: سوق الليل، فشرع ابن الزمن في بناء الميضأة، وهدم من المسعى مقدار ثلاثة أذرع واستولى عليه، فمنعه قاضي الشرع برهان الدين ابن ظهيرة الشافعي؛ فلم يمتنع من ذلك فجمع القاضي علماء المذاهب الأربعة منهم القاضي علاء الدين المرداوي الحنبلي، وحضر ابن الزمن؛ فسألهم القاضي عن تعدي ابن الزمن على أرض المسعى؛ فأفتوا بأن ذلك حرام.

قال ابن فهد: وأنكر القاضي علاء الدين المرداوي ذلك إنكاراً قوياً، وقام بأعباء المجلس جزاه الله خيراً وأكثر من أمثاله، ثم توجه القاضي برهان الدين ومنع البنائين من العمل، وأرسل إلى السلطان الأشرف بذلك، وكتب ابن الزمن الظالم أيضاً إلى السلطان وزوَّق وبدَّل وافترى على القاضي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير