تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: ان اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالتيسير على المسلمين في أداء عبادتهم لهو واضح وجلي حيث قضى على ما يعانيه الحجاج عند رمي الجمار بالمشروع العملاق الذي سينتهي قريبا ان شاء الله وكذلك توسعة المسعى بما لا يخرج عن حدوده الشرعية والواقع ان ولاة الأمر لا يقررون امرا من الأمور المتعلقة بالشرع والعبادة الا بناء على فتاوى شرعية، الا انه لا يلزمهم الا يأخذوا الا بما اتفق عليه العلماء او قال به الأكثر بل متى ما صدرت فتوى من بعض العلماء الثقات ومن عرفوا بالفقه الصحيح فإنه يسوغ لولي الأمر ان يعمل بها وهذا ما جرى في توسعة المسعى وخاصة ان هذه الفتاوى وافقت ما قرره اهل الخبرة وما شهد به العدول، وأحب ان اوضح هذا القضية من عدة وجوه.

اولا: هناك من لا يعرف التفريق بين الفتوى الفقهية التي تنبني على الاجتهاد في فهم النصوص وتحرر الأحكام بناء على ذلك الفهم والاجتهاد وبين ما يقرره العالم او ما يحكم به القاضي بناء على شهادة اهل الخبرة مثل تحديد مشعر من المشاعر فقضية السعي انما تبنى على معرفة حدود جبلي الصفا والمروة ولا يحسن بمن لا يعرف هذه الحدود ان يصدر فتوى مبنية على الظنون وما استقر في الذهن.

ثانيا: شهد عدد كبير من العدول من اهل مكة من كبار السن ان التوسعة الجديدة لم تخرج عن حدود الصفا والمروة لمعرفتهم القديمة بهذين الجبلين وكما قيل اهل مكة ادرى بشعابها وقد اثبتت شهادة بعضهم في المحكمة العامة بمكة المكرمة، كما شهد الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين بمثل تلك الشهادة ولا اعلم ان احدا من اهل مكة خالف هؤلاء الشهود في التحديد.

ثالثا: اخبرني صاحب المعالي الشيخ صالح الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف انهم حفروا في الأرض الى ان وصلوا الى اصل الصفا كما نقل عنه انهم تركوا الجبل واضحا لمن اراد مشاهدته في القبو، وهذا يتوافق مع الشهادة وربما توجد مصورات جوية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تؤكد هذا الأمر.

رابعا: ان الأمور الشرعية وأمور العبادات ثبت بالشهادة الصحيحة المنفكة عما يكذبها فليس امر تحديد مشعر بأعظم من اباحة دم مسلم في القصاص ونحوه التي تبنى على الشهادة مع ان حرمة المسلم اعظم من حرمة الكعبة كما جاء في الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

خامسا: ان من الخطأ الاعتماد على ما ليس بواضح الدلالة ويعارض به شهادة اهل الخبرة والواقع المحسوس فاللجنة التي الفها الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله لم تتعرض لتحديد الصفا ولا المروة وإنما رأت هدم بعض البيوت المقامة في بطن المسعى لتوسعة المسعى ذلك الوقت حسب ما اطلعت عليه ولم تحدد تلك اللجنة عرض المسعى من بدايته او نهايته حيث ان الفقهاء رحمهم الله لم يحددوا ذلك.

سادسا: اعدت بحوث من بعض العلماء تؤيد هذا الاتجاه ومن ضمنها بحث العلامة الشيخ عبدالرحمن المعلمي رحمه الله، وذكر بعضهم انه كان على الصفا عدة بيوت فلا يمكن ان يستوعبها عرض المسعى القديم.

سابعا: ان التوسعة التي حصلت في عهد الملك سعود - رحمه الله - قد لوحظ فيها عرض المسعى الذي يحصل به التيسير ولا يمكن ان يقبل قول من يدعي ان جداري المسعى وضعا على نهاية حدود الصفا والمروة، لأن العرض الموجود لا يختلف سعته من اي جهة ولا يتصور ان يكون عرض جبل الصفا يماثل تماما عرض المروة فلا بد ان يكون بينهما اختلاف، علما بأن البحوث ذكرت ان الصفا يمتد كثيرا الى جهة قصر الضيافة.

ثامنا: ان الصفا والمروة جبلان وليسا صخرتين فالصخرة هي التي يمكن ان يكون عرضها مناسبا لعرض المسعى القديم اما الجبل فلا يطلق الا على ماهو اوسع من ذلك كما ان الجبل له قمة وينحدر من جهاته بالتدريج ولا ينقطع كالجدار كما هو مشاهد في المسعى القديم.

تاسعا: ان الشريعة الاسلامية شريعة اليسر والسماحة وعدم التنطع والتكلف كما قال عمر رضي الله عنه (نهينا عن التعمق والتكلف) وهذه الصيغة عند المحدثين تقتضي ان الناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يكلف المسلم في مثل هذا الا بما شهد به العدول بالشرط المتقدم ويتحمل الشهود الأثر المترتب على شهادتهم، ولا يتصور ان يشهد هؤلاء الشهود بما ليس لهم فيه مصلحة خاصة، ويكذبون في ذلك.

اقتضتها الحاجة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير