تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وخلاصة الأمر أن دليل المانعين القوي هو شهود العيان قبل البدء في أول توسعة عام 1375هـ ودليل المجيزين القوي هو شهادة الشهود بعد ذلك بـ 54 عاماً، ولكلٍ منهما أدلة أخرى لا ترفع الخلاف، من ذلك نقل المانعين لأقوال عدد من العلماء وخاصة علماء الشافعية والتي منها ما ذكره النووي في (المجموع) (8/ 76): (قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف، قال أبو علي البندنيجي في كتابه (الجامع): موضع السعي بطن الوادي، قال الشافعي في القديم: فإن التوى شيئاً يسيراً أجزأه وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجزئه) انتهى.

ومن ذلك أيضاً قول الرملي الشافعي كما في (نهاية المحتاج شرح المنهاج) (3/ 383): (إن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة، ولو التوى في سعيه عن محل السعي يسيراً لم يضر كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه).

فقول الشافعي: (إن التوى شيئاً يسيراً أجزأه) مفهومه: لو التوى كثيراً لم يجزئه فكيف بالعشرين متراً وهي زيادة المسعى الجديد؟!

وغيرها من الأقوال الموجودة في مظانها من كتب الفقه وذكرها عدٌد ممن كتب في هذا الموضوع بتوسع وليس هنا محل التفصيل فيها.

لذلك ختمت اللجنة -التي تمت الإشارة إليها وفيها عددٌ من علماء وأعيان الحجاز ونجد- تقريرها بقولها: (وحيث أن الحال ما ذكر بعاليه، ونظراً إلى أنه في أوقات الزحمة عندما ينصرف بعض الجهال من أهل البوادي ونحوهم من الصفا قاصداً المروة يلتوي كثيراً حتى يسقط في الشارع العام فيخرج من حد الطول من ناحية باب الصفا والعرض معاً ويخالف المقصود من البينية بين الصفا والمروة. وحيث أن الأصل في السعي عدم وجود بناء وأن البناء حادث قديما وحديثا. وأن مكان السعي تعبدي، وأن الالتواء اليسير لا يضر، لأن التحديد المذكور بعاليه العرض تقريبي، بخلاف الالتواء الكثير كما تقدمت الإشارة إليه في كلامهم فإننا نقرر ما يلي: ......... )

كما استشهد المانعون بذرع عددٍ من المؤرخين عرض المسعى كالأزرقي والفاكهي وغيرهما وقد نصوا أنه خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ذراع، أي ما لا يزيد عن عشرين متراً وهو عرض المسعى القديم.

أما المجيزون فمن أدلتهم الأخرى أن الصفا والمروة كانا أكبر مما هما عليه الآن، وأن الفقهاء لم يحددوا عرض المسعى، وأن المؤرخين اختلفوا فيه وأن لديهم دراسة جيولوجية وخريطة تم إعدادها قبل عشرين عاماً توضح امتداد جبل الصفا إلى جبل أبي قبيس، الخ. ولكن يبقى كما سبق ذكره أن أقوى أدلة لدى الطرفين: شهود العيان عام 1375هـ وشهود الحال الآن.

وبعد:

فعلى المسلم أن يتحرى الصواب ولا يتعصب لرأي أو شخص، فالمسألة لها ما بعدها سنين عديدة وعليه أن يحذر من أن يأخذه الحماس والعاطفة والتعصب لرأي دون آخر، وليتذكر الوقوف بين يدي الله تعالى وألا يجعل ما يتوهم أنه مصلحة أو تيسير على الناس هو الفيصل في القضية، كما لا يضيق على الناس ما يسَّره الله وأباحه لهم.

وأختم بكلام للشيخ محمد بن إبراهيم يتناسب مع هذا المقام حيث قال كما في مجموع فتاويه (5/ 146): (إنه يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولاً، ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك، ولو فتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحاً للآراء، وميداناً للاجتهادات، ونافذة يولج منها لتغيير المشاعر وأحكام الحج، فيحصل بذلك فساد كبير. ... ولا ينبغي أن يلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم، بل ينبغي أن يعمل حول ذلك البيانات الشرعية بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد البحث والترغيب في الطاعة والتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال، وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها)

و ما أحوج طلاب العلم اليوم لكلام قاله الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله لطلابه يوصيهم قائلاً: (أوصيكم بالثبات في جميع أموركم فإنه من أعظم ما انتفعت به، فإني أخذت على نفسي أن لا أغير رأياً رأيته في أمر علمي أو عملي حتى يثبت لي خطؤه كما ثبت لي صوابه فانتفعت بذلك كثيراً).

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المشرف على موقع الدرر السنية

www.dorer.net

ـ[أبو محمد]ــــــــ[23 - 08 - 08, 08:54 م]ـ

مرة أخرى -جزاكم الله خيرا- يؤكد على مراجعة الردود قبل إضافة الجديد ..

مقال الشيخ علوي سبق أن أضيف إلى الموضوع فيما مضى ..

هذا الموضوع صار مرجعا جامعا في بابه بفضل الله .. وأتمنى ألا يُتخم بتكرار المقالات والأبحاث.

بارك الله في جميع من شارك فيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير