تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمسألة تتعلق بعرض المسعى لا بطوله، وعرض المسعى قدره عرض الجبلين المشعرين الصفا والمروة فمن سعى بين الصفا والمروة سواء أكان سعيه بين طرفي الجبلين مما يلي الحرم أم بين طرفي الجبلين مما يلي شعب علي والمُدَّعى أم كان سعيه بين وسطي الجبلين الصفا والمروة كل ذلك سعي يصدق عليه أنه طوف بهما - أي سعى بينهما - وقد ثبت أن توسعة الملك عبدالله للمسعى لم تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة. وإذا كان عند فضيلته ما يثبت أن هذه التوسعة خارجة عن البينية بين الصفا والمروة فعلى فضيلته عبء الإثبات. وإن قال فضيلته بأن الأصل النفي فنقول لفضيلته عندنا إثبات بأن التوسعة لم تخرج عما بين جبلي الصفا والمروة. وهذا الإثبات يتجاوز حد التواتر فلا محل للنفي بجانب الثبوت وفضيلته أحد علماء الأصول يعرف ذلك ويقرره.

وأما القول بأن اللجنة والشيخ محمد رحمهم الله قد حرصوا على عدم التجاوز، تجاوز المداخل الثلاثة عند الصفا فنقول لفضيلته: لا شك أن عرض المسعى بعد التوسعة الأولى في عهد الملك سعود رحمه الله أطول من عرضه قبل التوسعة. وقد أخذت التوسعة الأولى جميع الدكاكين الكائنة على يمين الساعي وهو متجه إلى المروة ولم يعترض أحد من أهل العلم في ذلك الوقت على إدخال هذه الدكاكين في المسعى لكونها واقعة بين الصفا والمروة. فما دام الضابط لعرض المسعى تحقق البينية بين الصفا والمروة فقد تحققت البينية بينهما بالنسبة للتوسعة الأولى وتحققت كذلك بالنسبة لتوسعة الملك عبدالله. وبهذا يبطل الاحتجاج بقرار اللجنة السابقة المؤيد من الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله.

الوقفة الخامسة:

قال فضيلته في مقاله: والبينية تقتضي ألا يخرج عما بينهما في السعي لأن من خرج عنهما لا يعتبر ساعيا بين الصفا والمروة وهي قضية تعبدية لا دخل للرأي فيها إلى أن قال - حتى قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم وبالنظر إلى أن الصفا شرعا هو الصخرات .. ولكون العقود الثلاثة لم تستوعب كامل الصخرات عرضا فقد رأت اللجنة أنه لا مانع من توسيع المصعد المذكور بقدر عرض الصفا. إلى آخره.

أقول هذا القول الذي نقله فضيلته عن اللجنة وعن الشيخ محمد رحمهم الله وهو قول صريح في قبول اقتراح توسيع مدخل الصفا ومدخل المروة وأن يكون المسعى في مستوى توسيع مصعد الصفا. أليست هذه توسعة؟ وقد كان في مقابل توسيع مدخل الصفا على طول المسعى من اليمين اتجاها إلى المروة مجموعة من الدكاكين أدخلت توسعة للمسعى في مقابلة توسعة مدخل الصفا ومدخل المروة. وهذه يا فضيلة الشيخ توسعة. ولا اعتراض عليها لأنها في محيط البينية بين الصفا والمروة. وكذلك توسعة الملك عبدالله هي في محيط البينية بين الصفا والمروة. وطالما أن أي توسعة لا تخرج عن البينية بين الصفا والمروة فهي توسعة لا تخرج عن أن تكون بين المشعرين الصفا والمروة. ولعل فضيلة الشيخ يوسع دائرة نظره الفقهي ليصل إلى أن عرض المسعى لم يرد فيه نص غير قول الله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) أي يسعى بين الصفا والمروة فمن هذا النص الكريم يتضح أن عرض المسعى هو عرض الجبلين الصفا والمروة من الشرق إلى الغرب وإذا كان لدى فضيلته نص يخالف ذلك فعليه بيانه فنحن مع الحق - إن شاء الله - أينما كان.

الوقفة السادسة:

أورد فضيلته مجموعة نصوص من المفسرين على أن مشاعر الحج هي مناسكه ومنها الصفا والمروة. ولم يظهر لي وجه إيراد هذه النصوص والحال أن الإجماع منعقد على أن الصفا والمروة من شعائر الله. فهل في توسعة الملك عبدالله اعتراض صريح أو ضمني على أن الصفا والمروة من شعائر الله حتى يتجه فضيلته لإيراد هذه النصوص ليحتج بها؟ سبحانك ربنا لا نقول إلا بما قلت وأكدت (إن الصفا والمروة من شعائر الله) فهما مشعران من مناسك الحج ومشاعره. ونحن - حفظ الله شيخنا - مع نصوصه التي أوردها عن المفسرين وليس فيها حرف واحد يعترض به على توسعة الملك عبدالله والتوسعة لم تخرج عن بينية ما بين المشعرين الصفا والمروة. وبينية المشعرين ليست محصورة ومقصورة على عرض المسعى قبل توسعة الملك عبدالله ومن يقل ذلك فعليه الدليل الناقل لعموم قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله) فهما جبلان متقابلان يصح السعي بين طرفيهما شرقاً وغربا وبين وسطيهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير