تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأمر الثالث: أن الساعي عندما يخرج في ذهابه من الصفا إلى المروة عن مسامتة حدودهما أي 16 مترا خروجا بينا في الجانب الشرقي يكون ساعيا بين الطرف الغربي من جبل أبي قبيس والطرف الغربي من جبل قعيقعان، ويترتب على هذا عدم صحة هذا الشوط من سعيه لكونه لم يقع بين الصفا والمروة، ولا ينفعه والحالة هذه وقوع رجوعه من المروة إلى الصفا بينهما؛ لأن أربعة من أشواطه السبعة وهي التي ذهب فيها من الصفا إلى المروة صارت كلها بين جبلي أبي قبيس وقعيقعان ولم يقع بين الصفا والمروة من أشواط سعيه إلا ثلاثة هي التي عاد فيها من المروة إلى الصفا.

فتحصل من هذا كله أن كتب الروايات حددت عرض كل من الصفا و المروة بنحو 16 مترا، وهو تحديد يناسب تحديدها لعرض المسعى بنحو 17 مترا، وإن أوسع زيادة في عرض المسعى من جهة الشرق إلى الغرب يمكن أن يلتمس لها وجه مراعاة لقول من قال من العلماء أن خروج الساعي عن أرض المسعى خروجا خفيفا مغتفر هي الزيادة التي حصلت سنة 1357هـ، وصار بها عرض المسعى 20 مترًا تقريبا وأن الزيادة الحالية في عرض المسعى التي زادت عرض المسعى من الجهة الشرقية زيادة بلغت 20 مترا لكي تخصص هذه الزيادة للذهاب من الصفا إلى المروة وتبقى العودة من المروة إلى الصفا في المسعى القديم غير واردة لما يترتب عليها من وقوع أربعة من أشواط الساعي السبعة بين جبل أبي قبيس وجبل قعيقعان كما قدّمنا.

وأما ما يزعمه من ينتصر للتوسعة الحالية من وجود شهود أحياء الآن من أهل مكة شهدوا على امتداد كل من جبلي الصفا و المروة من الجهة الشرقية امتدادا طويلا يزيد على ما كان عليه قبل عهد التوسعات الأخيرة فلا ينفعهم لأن مرده إلى أن هؤلاء الشهود – إن صدقوا - انخدعوا باتصال بعض الجبال ببعض إذ لا نزاع في أن جبل الصفا كان متصلا من الجهة الشرقية بالطرف الغربي من جبل أبي قبيس وأن جبل المروة كان أيضا متصلا من نفس الجهة بجبل قعيقعان فانخدع هؤلاء الشهود وهم أشخاص عادييون بهذا الاتصال، فاعتبروا الطرف الغربي من جبل أبي قبيس من الصفا والطرف الغربي من جبل قعيقعان من جبل المروة، وغرهم أن الطرف الغربي من جبل أبي قبيس كان منخفضا عن الجبل نفسه شأنه في ذلك شأن كل طرف للجبل، وأنه بهذا الانخفاض في حجم جبل الصفا الذي هو في الأصل جُبيل صغير ونفس الشيء في انخفاض الطرف الغربي من جبل قعيقعان انخفاضا جعله في حجم جبيل المروة الصغير، وفات هؤلاء الشهود من الدقة والضبط ما كان عند العلماء القدماء الذين حددوا سعة كل من الصفا والمروة تحديدًا دقيقًًا، وميّزوا كلا منهما عن غيره، ولم يلبس عليهم اتصال بعض الجبال ببعض الذي لبس على هؤلاء الشهود.

وعليه فلا تعتبر شهادة هؤلاء الشهود دليلا يمكن أن يعول عليه ولقائل أن يسأل أين كان هؤلاء الشهود في العهود الماضية وحتى القريبة جدًا عندما أفتى العلماء هناك بعدم جواز توسيع عرض المسعى عن القدر الذي كان عليه؟ وهل علم هؤلاء الشهود من أمر مكة أكثر مما علمه أهل مكة الذين استند إليهم ابن جبير والبلوي وابن بطوطة مثلا في تحديدهم لعرض جبلي الصفا والمروة؟ وكيف تقدم شهادة هؤلاء الشهود على روايات العلماء المنقولة من قديم و التي عمل بها علماء المسلمين على مر عصورهم كلها؟.

ومن الغريب أن بعض المنتصرين للتوسعة الحالية اقترح على المعنيين بالأمر إزالة جبلي الصفا والمروة وإبدال كل منهما ببناء جديد يراه هو أكثر ملائمة وأخذ مع الأسف اقتراحه بعين الاعتبار اقترح هذا وهو يقرأ قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) وقوله تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). فهل من تعظيم شعائر الله إزالتها من الوجود؟.

فبان من كل ما تقدم أن الشبه التي يعتمد عليها من ينتصرون للتوسعة الحالية في عرض المسعى واهية كلها ولا يصح التعويل على أي واحدة منها، والله تعالى أعلم.

يتبع إن شاء الله

ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 09:11 ص]ـ

المبحث الخامس

أقوال الفقهاء في التقيد بالمسعى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير