وقال المرداوي:" قوله: (أركان العمرة الطواف) بلا نزاع، وفي الإحرام والسعي روايتان: اعلم أن الخلاف هنا في السعي والإحرام، وفي الإحرام أيضا من الميقات، كالخلاف في ذلك في الحج على ما تقدم نقلا ومذهبا، هذا الصحيح من المذهب. وقيل: أركانها الإحرام، والطواف فقط، ذكره في الرعاية. وقال في الفصول: السعي في العمرة ركن بخلاف الحج؛ لأنها أحد النسكين، فلا يتم إلا بركنين كالحج ".
4 - قال المرداوي في التنقيح:" ومن أركان الحج: إحرام، وسعي نصا .. وأركان العمرة: إحرام، وطواف، وسعي. وواجباتها: حلق أو تقصير .. ".
5 - وفي منتهى الإرادات لابن النجار (ت972هـ):" أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة، فلو تركه رجع معتمرا، والإحرام والسعي .. وأركان العمرة: إحرام، وطواف، وسعي، وواجبها: حلق أو تقصير، فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه، ومن ترك ركنا غيره أو نيته لم يتم نسكه إلا به ".
6 - قال الحجاوي: " والسعي ركن في الحج، فلا يتحلل إلا بفعله .. ".
وقال أيضا: " أركان الحج أربعة: الإحرام، والطواف، و السعي، والوقوف بعرفة .. وأركان العمرة ثلاثة: الإحرام والطواف والسعي ".
تنبيه: من المقرر عند الحنابلة أنه إذا اتفق صاحبا الإقناع ومنتهى الإرادات على رأي، يكون هو الرأي المعتمد في الفتوى والقضاء، وقد نصا على ركنية السعي في الحج والعمرة، وبهذا يكون الرأي المعتمد عند الحنابلة متفق مع جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية على أن السعي ركن في الحج والعمرة.
المذهب الثاني: مذهب الحنفية
السعي عند الحنفية واجب، وليس ركنا، وعند بعضهم سنة مؤكدة، وهذه طائفة من نصوصهم علمائهم تثبت هذا:
1 - قال الجصاص (ت 370هـ): " والرمل في بطن الوادي في الطواف بين الصفا والمروة مما قد نقلته الأمة قولا وفعلا، ولم يختلف في أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، وإنما اختلف في كونه مسنونا بعده، وظهور نقله إلى هذه الغاية دلالة على بقاء حكمه ".
2 - قال المرغياني (ت593هـ): " ثم السعي بين الصفا والمروة واجب، وليس بركن، ولنا قوله تعالى:" فلا جناح عليه أن يطوف بهما ". ومثله يستعمل للإباحة، فينفي الركنية والإيجاب، إلا أنا عدلنا عنه في الإيجاب، ولأن الركنية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به، ولم يوجد، ثم معنى ما روي (كتب) استحباب كما في قوله تعالى:" كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت " الآية.
3 - قال العيني (ت854هـ): " لفظ سن الوارد في حديث سن رسول الله لا يدل على معنى أنه جعله ركنا، وإلا لا يبقى فرق بين السنة والركن، وكيف يقول إنه ركن، وركن الشيء مما هو داخل في ذات الشيء، ولم يقل أحد إن السعي بين الصفا والمروة داخل في ماهية الحج، وكذا قول بعضهم أي فرضه بالسنة ليس مدلول اللفظ، وقوله: ليس مراد عائشة نفي فرضيتها، فنقول: وكذا لا يدل على إثبات فرضيتها، غاية ما في الباب أنه سنة مؤكدة، وهي في قوة الواجب". وقال العيني أيضا:" والتخيير ينفي الفرضية لا سيما مذهب عائشة فيما حكاه الخطابي أن السعي بينهما تطوع، وما ذهب إليه الحنفية هو مذهب الحسن وقتادة والثوري حتى يجب بتركه بدم، وعن عطاء سنة لا شيء فيه".
4 - قال الموصلي (ت683هـ): " السعي بين الصفا والمروة واجب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: " كتب عليكم السعي فاسعوا "، وأنه خبر آحاد، فلا يوجب الركنية، فقلنا بالوجوب، وقوله تعالى:" فلا جناح عليه أن يطوف بهما " ينفي الركنية أيضا ".
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 09:23 ص]ـ
خاتمة
إن من أهم ما يجدر أن يقال في خاتمة هذه الرسالة إن طول المسعى الوارد في بعض الروايات يبدأ من زقاق بني أبي حسين المحاذي لجبل الصفا، وينتهي بزقاق دار بني عباد المحاذي لجبل المروة، أما عرض المسعى، فصرحت رواية الأزرقي أنه من جهة البيت إلى دار العباس، وهو خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ذراع، فلا يصح سعي من سعى خارج مقدار هذا العرض بأكثر من ذراعين أو نحوه؛ لكونه غير يسير، و لأن منسك السعي توقيفي لا مجال للاجتهاد والرأي في تحديد محله لا تضييقا ولا توسعة، مثلما حدث هذا العام عام تسعة وعشرين وتسعمائة وألف من الهجرة النبوية، ولأن القاعدة الأصولية تقول: الأصل في
¥