تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيا: يفوت الأخوة هنا الفارق بين الصورتين فإن قراءة القرآن في صلوات التطوع خاصة في الإعتكاف تطول كما أن الكلمات القرآنية لها وقع متشابه مما يؤثر تأثير بالغ في تشتت القراء المجاهرين بخلاف أذكار الصلاة فإنها تكون لمدة قصيرة لاتزيد عند المتأني على عشر دقائق كما أنها لاتكون بتجويد فتختلف عن القرآن في الوقع في الأذن فلا يحدث الإختلاط كما في الصورة الأولى.

ثالثا: لو نظرنا لمسألة الإيذاء هذه فلما يكون النظر فيها من ناحية المصلين فقط لأنه من الممكن أن يشتكي أيضا بعض من يذكر عقب الصلاة من عدم التركيز بسبب الجهر _ وهذا حدث في الواقع _ فهل نقول هنا أيضا بترك الجهر حتى لا يتأذى؟ , لو فعلنا هذا لكان نتيجة ذلك أن تهجر هذه السنة وتصبح مجرد سنة نظرية وهذه نتيجة باطلة فعلم بطلان المقدمات.

كما أني أرى فائدة من الجهر بالذكر عقب الصلوات المفروضة فإنها تكون دافعا لمن كان حريصا على الخشوع التام في صلاته أن لايتأخر عن الصلاة كي لايتعرض لسماع هذه الأذكار جهرا مما قد يفقده بعض تركيزه.

وسأعيد هنا نقل جزء من فتوى الشيخ ابن العثيمين التي نقلها أخونا الوائلي لأهمية كلامه ومتانته:

قال الشيخ رحمه الله:

(أما من قال: إن في ذلك تشويشا.

فيقال له: إن أردت أنه يشوش على من لم يكن له عادة بذلك، فإن المؤمن إذا تبين له أن هذا هو السنة زال عنه التشويش، وإن أردت أنه يشوش على المصلين، فإن المصلين إن لم يكن فيهم مسبوق يقضي ما فاته فلن يشوش عليهم رفع الصوت كما هو الواقع، لأنهم مشتركون فيه، وإن كان فيهم مسبوق يقضي، فإن كان قريبا منك بحيث تشوش عليه فلا تجهر الجهر الذي يشوش عليه لئلا تلبس عليه صلاته، وإن كان بعيدا منك فلن يحصل عليه تشوش بجهرك.

وبما ذكرنا يتبين أن السنة رفع الصوت بالذكر خلف الصلوات المكتوبة، وأنه لا معارض لذلك لا بنص صحيح ولا بنظر صريح " انتهى.

وقال أيضا: " لأن الأصوات إذا اختلطت تداخل بعضها في بعض فارتفع التشويش، كما تشاهد الآن في يوم الجمعة الناس يقرأون كلهم القرآن يجهرون به ويأتي المصلي ويصلي ولا يحدث له تشويش ".

وقال رحمه الله: " فالمهم أن القول الراجح: أنه يسن الذكر أدبار الصلوات على الوجه المشروع، وأنه يسن الجهر به أيضا - أعني رفع الصوت - ولا يكون رفعا مزعجا فإن هذا لا ينبغي، ولهذا لما رفع الناس أصواتهم بالذكر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في قفولهم من خيبر قال: (أيها الناس، أربعوا على أنفسكم)، فالمقصود بالرفع، الرفع الذي لا يكون فيه مشقة وإزعاج)

وإن كان في كلام الشيخ استثناء ليس بالقوي عندي لما سبق ذكره وهو استثناءه لمن كان قريبا من مصلي بأن يخفض من جهره إلى الحد الذي لا يشوش به على أخيه المصلي وقد سبق الرد على ذلك بل وفي كلام الشيخ ما يرد على ذلك.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير