توقف عفانة في الحديث الوارد في صحيح البخاري من حديث عائشة وابن عباس قالا: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما صعنوا
قال عفانة (1
115): يتوقف فيه لشذوذه متنا فالنبي لم يبعث لعانا بل شاهدا ومبشرا ونذيرا.
قلت: وهل ما ذكره الله في كتابه من لعنته لليهود والنصارى من التنفير وعدم التبشير قال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}. فالحديث ظاهر الموافقة للقرآن!! لتعلم عدم اتزانه وسيره على طريقة صحيحة مستقيمة ولكنه الهوي الذي يهوى بصاحبه في المهالك.
ومثال آخر أنه ضعف أحاديث السواك قبل الصلاة كما في ص (177) من كتابه الإسلام وصياح الديك
قال:وقد أخطأ كل من حمل سواكه إلى المسجد وأخرجه أثناء إقامة الصفوف ليستاك به أمام الناس خاصة في رمضان وهو منظر يثير اشمئزاز المصلين .. ويعود أصل هذه العادة الكريهة إلى حديثين منكرين ...
قلت: وهكذا يجعل ذوق الناس مقياسا لرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ومثال آخر أنه سلك طريقة ذكية لهدم السنة النبوية وذلك بأن صور نفسه مدافعاً عن السنة والحديث النبوي من خلال التشدد في معايير القبول للروايات تشدد لا يعرفه لا البخاري ولا غيره من أهل الحديث، فعفانة يرد مئات بل تصل إلى آلاف الرويات لمجرد أن أحد رواتها قيل فيه صدوق له أوهام أو صدوق ربما أخطأ أو لابأس به , فكيف بمن تكلم في حفظه أو عدالته؛ فيكفي عنده أن يتكلم في الرواي بأي جرح أن يتوقف في حديثه أويرده بالضعف أو النكارة.
وأمر آخر يكفي عنده تفرد الراوي الواحد في أي طبقة من طبقات السند أن يتوقف في حديثه أو يرده.
والمقصود بهذا هدم السنة باسم علم الحديث وقد بدأ بأعظم كتاب وهو صحيح البخاري ليكون ما بعده قاعاً صفصفاً، ولذلك كم سيبقي من السنة النبوية إذا كان صحيح البخاري الذي أجمع على صحته أهل العلم على مر العصور لا يصح منه عند عفانة إلا أقل من 2000 حديث من أصل 7000 حديث رواها الإمام البخاري.
وبهذا يتضح حجم الجريمة التي يقوم بها عفانة من نفي السنة والحديث عبر تضعيفه ورفضه باسم علم الحديث.
هذه هي حقيقة نتاج عفانة وفكره , وفي هذه الصفحات نبين شيئا مما عند جواد عفانة من تدليس وتخليط وجهل , وقد قدمنا ذلك بتمهيد يوضح بعض المسائل المهمة المتعلقة بالسنة ومنزلتها من القرآن , والمسائل التي يستند إليها المخالفون في تشكيكهم في السنة والأصول المتفقة عليها.
تمهيد
المسائل التي يستند إليها أهل البدع في تشكيكهم في الكتاب والسنة والأصول المتفقة عليها.
أولا:دعوى الاقتصار على كتاب الله بمعزل عن السنة
أكثر الله تعالى في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه من الأمر بطاعة الرسول:
قال تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون}
وقال تعالى: {قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين} وقال: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم}
وقال: {إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً. لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه}
وقال سبحانه {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
فانتهوا}
وقال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}
وقال: {وإن تطيعوه تهتدوا}
وكذلك جاء في السنة الأمر بطاعة الرسول r
قال رسول الله r:
« ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل ينثني شبعانًا على أريكته، يقول: عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه .. ».
أحمد في المسند: (4/ 130)
وفي رواية قال:
«يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ على أريكته يُحدَّث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله r مثل ما حرم الله».
¥