تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويمكن أن يقسم دعوى التعارض بين الأحاديث إلى قسمين:

أ - الاختلاف الحقيقي: هو التضاد التام بين حجتين متساويتين دلالةً وثبوتاً وعدداً، ومتحدتين زماناً ومحلاً وهذا لا يمكن وقوعه في الأحاديث النبوية؛ لأنها وحي من الله تعالى قال الله سبحانه: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى) (النجم 3:4) والوحي يستحيل وقوع الاختلاف والتناقض فيه لقوله تعالى:] وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [(النساء:82) قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية: (وأن الذي أتيتهم به من التنزيل من عند ربهم لاتساق معانيه وائتلاف أحكامه وتأييد بعضه بعضاً بالتصديق وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق؛ فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه وتناقضت معانيه وأبان بعضه عن فساد بعض) تفسير الطبري (4

182)

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ليس أحدهما ناسخاً للآخر؛ فهذا لا يوجد أصلاً، ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق). زاد المعاد (.4

134)

ب - الاختلاف الظاهري: وهو وهم يكون في ذهن الناظر، ولا وجود له في الواقع.

قال الشاطبي رحمه الله: (كل من تحقق بأصول الشريعة فأدلتها عنده لا تكاد تتعارض كما أن كل من حقق مناط المسائل؛فلا يكاد يقف في متشابه لأن الشريعة لا تعارض فيها البتة فالمتحقق بها متحقق بما في الأمر فيلزم أن لا يكون عنده تعارض ,ولذلك لا تجد البتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف لكن لما كان أفراد المجتهدين غير معصومين من الخطأ أمكن التعارض بين الأدلة عندهم) الموافقات (5

341)

وهذا الاختلاف الظاهري له أسباب عديدة قد أوضح ابن القيم رحمه الله تعالى شيئاً منها فقال رحمه الله تعالى: (ونحن نقول لا تعارض بحمد الله بين أحاديثه الصحيحة، فإذا وقع التعارض، فإما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم، وقد غلط فيه بعض الرواة مع كونه ثقة ثبتاً، فالثقة يغلط، أو يكون أحد الحديثين ناسخاً للآخر، إذا كان مما يقبل النسخ، أو التعارض في فهم السامع لا في نفس كلامه صلى الله عليه وسلم، فلا بد من وجه من هذه الوجوه الثلاثة. وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ليس أحدهما ناسخاً للآخر فهذا لا يوجد أصلاً، ومعاذ الله أن يُوجد في كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق، والآفة من التقصير في معرفة المنقول، والتمييز بين صحيحه و معلوله، أو من القصور في فهم مراده صلى الله عليه وسلم، وحمل كلامه على غير ما عناه به، أو منهما معاً، ومن ههنا وقع من الاختلاف والفساد ما وقع وبالله التوفيق) زاد المعاد (.4

134)

وقال كذلك (وإن حصل تناقض فلابد من أحد أمرين: إما أن يكون أحد الحديثين ناسخاً للآخر، أو ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن كان الحديثان من كلامه وليس أحدهما منسوخاً فلا تناقض ولا تضاد هناك البتة، وإنما يُؤتى من يُؤتى هناك من قبل فهمه، وتحكيمه آراء الرجال، وقواعد المذهب على السنة، فيقع الاضطراب والتناقض والاختلاف) إعلام الموقعين (2

425)

ومن خلال الكلام السابق لابن القيم يظهر أن أسباب التعارض والاختلاف ترجع إلى:

1) إما أن يكون أحد الحديثين ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم، وقد غلط فيه بعض الرواة مع كونه ثقة ثبتاً، فالثقة يغلط.

2) وإما أن يكون أحد الحديثين ناسخاً للآخر، إذا كان مما يقبل النسخ.

3) وإما أن يكون التعارض في فهم السامع لا في نفس كلامه صلى الله عليه وسلم.

4) وإما من جهة تقصير الناظر في معرفة المنقول، والتمييز بين صحيحه و معلوله أو من القصور في فهم مراده صلى الله عليه وسلم، وحمل كلامه على غير ما عناه به، أو منهما معاً.

5) أو تحكيم آراء الرجال، وقواعد مذهب من المذاهب على السنة النبوية على صاحبه أفصل الصلاة وأتم التسليم.

انظر على موقع المسلم مبحث في "مقدمات في علم مختلف الحديث"

رابعا: رد خبر الواحد في العقائد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير