قلت: وهذا التناقض المزعوم إنما هو في عقله فجبريل عليه السلام هو واسطة التبليغ بين الله تعالى وبين رسله , وما أحاله عقله هنا يجيزه غيره من العقلاء.
أما الافتراض الذي ذكره ولماذا لم يتكرر؟
فنقول: إن جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صور مختلفة لتبليغ الوحي ومنها في صورة آدمي والأحاديث في مجيء جبريل في صورة آدمي كثيرة جدا لمن يطالع السنة ومنها حديث الحارث بن هشام.
أما استدلاله بالآية وأن الساعة تأتي بغتة فسيأتي الحديث أن هذا المعترض ينكر جميع أشراط الساعة جملة وتفصيلا.
وقد بين العلماء أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة لا ينافي مجيئها بغتة:"فجملة {لا تأتيكم إلا بغتة} مستأنفة جاءت تكملة للإخبار عن وقت حلول الساعة لأن الإتيان بغتة يحقق مضمون الإخبار عن وقتها بأنه غير معلوم إلا لله ,وبأن الله غير مظهره لأحد فدل قوله {لا تأتيكم إلا بغتة} على أن انتفاء إظهار وقتها انتفاء متوغل في نوعه بحيث لا يحصل العلم لأحد بحلولها بالكنه ولا بالإجمال , وأما ما ذكر لها من أمارات في حديث سؤال جبريل عن أماراتها؛فلا ينافي إتيانها بغتة لأن تلك الأمارات ممتدة الأزمان بحيث لا يحصل معها تهيؤ للعلم بحلولها.
انظر التحرير والتنوير (1687)
ت - حديث أنس قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا
قال المعترض (1
31): يتوقف فيه متنا لأن متنه يناقض القرآن ..
ث-أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حوسب عذب. قالت عائشة فقلت: أوليس يقول الله تعالى {فسوف يحاسب حسابا يسيرا}. قالت فقال: إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك.
الحديث
قال عفانة (1
38): يتوقف فيه متنا لأنه يناقض القرآن في قوله تعالى: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} ولأن العرض غير الحساب.
قلت: لا أدري وجه قوله " ولأن العرض غير الحساب"مع أن الحديث فرق بين مناقشة الحساب والعرض.
قال ابن حجر: لفظ الحديث عام في تعذيب كل من حوسب ولفظ الآية- فسوف يحاسب حسابا يسيرا - دال على أن بعضهم لا يعذب وطريق الجمع أن المراد بالحساب في الآية العرض وهو إبراز الأعمال وإظهارها فيعرف صاحبها بذنوبه ثم يتجاوز عنه , ويؤيده ما وقع عند البزار والطبري من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير سمعت عائشة تقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحساب اليسير قال: الرجل تعرض عليه ذنوبه ثم يتجاوز له عنها.وفي حديث أبي ذر عند مسلم:يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه الحديث.وفي حديث جابر عند بن أبي حاتم والحاكم: من زادت حسناته على سيئاته فذاك الذي يدخل الجنة بغير حساب ,ومن استوت حسناته وسيئاته فذاك الذي يحاسب حسابا يسيرا ثم يدخل الجنة ومن زادت سيئاته على حسناته فذاك الذي أوبق نفسه وإنما الشفاعة في مثله.
الفتح (12
402)
ج- عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة. قال: قلت لأنس أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين
قال عفانة (1
75): بعد أن توقف فيه سندا " أما متنه فيناقض القرآن فالرسول بشر مثلنا بنص القرآن.
قلت: التناقض المزعوم هو في تصوره، فإن الله قد أعطى الأنبياء كمالا في العقل والجسد ومن ذلك القدرة الجنسية , وهذا ليس لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بل لكل الأنبياء فسليمان طاف في ليلة واحدة على مئة امرأة وداود كانت له زوجات كثيرات ..
وهذه القدرة كما يقول العلماء في الرجال فضيلة , وهي تدل على صحة الذكورية وكمال الإنسانية. فتح القدير (4
503) للمناوي
ح-عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل وكل بالرحم ملكا يقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة فإذا أراد أن يقضي خلقه قال أذكر أم أنثى شقي أم سعيد فما الرزق والأجل فيكتب في بطن أمه
قال عفانة (1
86): صحيح ما عدا شقي أم سعيد لأنها تناقض القرآن وحرية الاختيار
¥