قال النووي رحمه الله في حديث الشفاعة " ويضرب الصراط بين ظهرى جهنم ": وفي هذا إثبات الصراط ومذهب أهل الحق إثباته, وقد أجمع السلف على إثباته.
شرح النووي لصحيح مسلم (3
20)
8 - خرافة المسيح الدجال وخرافة نزول عيسى عليه السلام (111)
قال: لقد ثبت عندي يقينا أن الدجال ونزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان خرافتان لاأصل ولا ذكر لهما في القرآن الكريم ولم يصح فيهما حديث واحد سندا أو متنا.
قلت:أما أنه لا ذكر للدجال في القرآن فلا ضير في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بخروجه وأمرنا الله بقبول ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: {وما آتاكم الرسول فخذوه} وقال تعالى {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول}
والأحاديث في ذلك في الصحيحين وغيرها ولم يخالف في ذلك إلا المنحرفون الذين لا عبرة بخلافهم.
قال القاضي عياض: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده, وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله , ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه وإتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم ويثبت الله الذين آمنوا هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة ...
شرح النووي (18
58)
وقد أجاب العلماء عن دعوى أن الدجال لم يذكر في القرآن ومن ذلك:
أ-أن القرآن ذكر نزول عيسى عليه السلام وعيسى هو الذي يقتل الدجال فاكتفى بذكر مسيح الهدى عن ذكر مسيح الضلالة وعادة العرب أنه تكتفي بذكر أحد الضدين دون الآخر.
ب-أنه مذكور ضمن الآيات التي ذكرت في قوله تعالى {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} وهذه الآيات هي: الدجال وطلوع الشمس من مغربها والدابة.
وهي المذكورة في تفسير هذه الآية فقد روى مسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض.
انظر أشراط الساعة (331) ليوسف الوابل
وأما نزول عيسى عليه السلام فهيحقيقة أكدها القرآن، قال الله تعالى في صفة رسوله: {وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى} وقد تواتر عن النبي أنه أخبر بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان وقد جاء في ذلك آيتان من القرآن:
إحداهما: قول الله تعالى {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} قال ابن عباس رضي الله عنهما: قبل موت عيسى بن مريم. رواه ابن جرير بإسناد صحيح.
وروى الحاكم في مستدركه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال: خروج عيسى بن مريم. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وروى أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال:
يعني أنه سيدركه أناس من أهل الكتاب حين يبعث عيسى فيؤمنون به.
وروى ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية نحو قول ابن عباس رضي الله عنهما.
وهذا القول هو الصحيح في تفسير الآية، وقد اختاره ابن جرير وابن كثير، وبه يقول أبو مالك والحسن وقتادة وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم. قال الحسن: والله إنه لحي الآن عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون. رواه ابن جرير.
الآية الثانية: قوله تعالى {وإنه لعلم للساعة} وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة والأعمش: {وإنه لعَلَم للساعة} بفتح العين واللام أي أمارة وعلامة على اقتراب الساعة، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإنه لعلم للساعة} قال: هو خروج عيسى بن مريم يوم القيامة. رواه الإمام أحمد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم في مستدركه وصححه هو والذهبي.
¥