قال: تشير هذه الآيات المحكمات إلى حكم فعل الذكر في دبر المرأة الأجنبية وفعل الذكر في دبر الذكر وهو معنى كلمة أو مصطلح الفاحشة معرفة بالألف والام وقد أخطأ من زعم أن هذه الآيات نزلت في الزنا ثم نسخت ...
قلت: وهذا القول الذي قال به شاذ غريب.
قال ابن كثير رحمه الله: {واللاتي يأتين الفاحشة} يعني الزنا {من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا} فالسبيل الذي جعله الله هو الناسخ لذلك قال ابن عباس رضي الله عنه: كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور فنسخها بالجلد أو الرجم وكذا روى عن عكرمة وسعيد بن جبير والحسن وعطاء الخراساني وأبي صالح وقتادة وزيد بن أسلم والضحاك أنها منسوخة وهو أمر متفق عليه.
تفسير القرآن العظيم (1
613)
وقال الألوسي: والفاحشة ما أشتد قبحه واستعملت كثيرا في الزنا لأنه من أقبح القبائح وهو المراد هنا على الصحيح.
روح المعاني (4
234)
وأما قوله أن الفاحشة المعرف بأل لا يطلق إلا على الزنا فهو من تخريفاته بل لفظ الآية تدل عليه؛ فقد أطلق الله لفظ الفحشاء المعرف بأل على الزنا قال تعالى: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} والفحشاء هنا قطعا فاحشة الزنا.
وأما قوله أنها ليست منسوخة فهي من جهالاته التي لا تنتهي.
فعن ابن عباس قال
: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا} وذكر الرجل بعد المرأة ثم جمعهما فقال {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} فنسخ ذلك بآية الجلد فقال {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة.
أبو داود في سننه (4413) بإسناد حسن وقد تقدم قول ابن كثير أن هذا متفق عليه بين العلماء.
2 - زعم ص (216) إن فاحشة اللواط أخف من فاحشة الزنا وهذا كلام عري عن الصحة بل فاحشة اللواط أعظم عند الله من فاحشة الزنا فسياق الآيات التي ذكرها الله في تعظيم هذه الذنب يدل عليه؛ بل في العقوبة التي عذبهم الله به ما يدل على عظمها عند الله تعالى.
ولذلك قال ابن كثير: ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى أن اللائط يرجم سواء كان محصنا أو لا نص عليه الشافعي وأحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة واحتجوا أيضا بما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
وذهب أبو حنيفة إلى أن اللائط يلقى من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط لقوله تعالى {وما هي من الظالمين ببعيد} .. .
البداية والنهاية (1
182)
3 - وأما قوله إنه لم يرد في القرآن الكريم أو في السنة المطهرة ما يدل على قتل مرتكب فعل قوم لوط ... فهو من جهالاته التي لا تنتهي فهو حديث صحيح وورد من حديث ابن عباس كما مر معنا ومن حديث أبي هريرة عند ابن ماجة.
10 - قرر ص (222) جواز إتيان المرأة من الدبر
قلت:
1 - أما قوله أن معنى {أنى شئتم} تعني من أين وكيف؟ كما ذكر بعض علماء اللغة؛ لا دليل فيه في جواز إتيان المرأة من دبرها.
قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان (1
147): وقد علمت أن قوله {أنى شئتم} لا دليل فيه للوطء في الدبر لأنه مرتب بالفاء التعقيبية على قوله {نساؤكم حرث لكم} ومعلوم أن الدبر ليس محل حرث.
2 - كذب من نسب إلى ابن عمر أو إلى نافع أو إلى مالك جواز هذا الفعل القبيح.
قال الشنقيطي (1
144): وقد روى عن ابن عمر خلاف هذا وتكفير من فعله وهذا هو اللائق به رضي الله عنه وكذلك كذب نافع من أخبر عنه بذلك كما ذكر النسائي وأنكر ذلك مالك واستعظمه وكذب من نسب ذلك إليه وروى الدار مي في مسنده عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال قلت لابن عمر: ما تقول في الجواري حين أحمض لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكرت له الدبر فقال: هل يفعل ذلك أحد من المسلمين.
وقال أيضا (1
146): فاعلم أن من روي عنه جواز ذلك كابن عمر وأبي سعيد وجماعات من المتقدمين والمتأخرين يجب حمله على أن مرادهم بالإتيان من الدبر إتيانها من الفرج من جهة الدبر ...
¥