تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والصواب: أن هذا لا يمتنع، حتى ولو قال صريحا: " اجمعنا في مستقر جنتك "، لم يمتنع، وذلك أن المستقر أعم من أن يكون رحمة أو عذابا، فإذا أضيف إلى أحد أنواعه أضيف إلى ما يبينه ويميزه من غيره، كأنه قيل في المستقر الذي هو رحمتك لا في المستقر الآخر.

ونظير هذا أن يقال: " اجلس في مستقر المسجد "، أي: المستقر الذي هو المسجد، والإضافة في مثل ذلك غير ممتنعة ولا مستكرهة، وأيضا: فإن الجنة وإن سميت رحمة لم يمتنع أن يسمى ما فيها من أنواع النعيم رحمة، ولا ريب أن مستقر ذلك النعيم هو الجنة فالداعي يطلب أن يجمعه الله ومن يحب في المكان الذي تستقر فيه تلك الرحمة المخلوقة في الجنة، وهذا ظاهر جدا فلا يمتنع الدعاء بوجه والله أعلم.ا. هـ.

وقال في موضع آخر (4/ 95 - 96):

ومن مسائل أحمد بن أحرم بن خزيمة بن عباد بن عبد الله ابن حسان بن عبد الله بن المغفل المزني الصحابي

سمعته وقال له رجل: " جمعنا الله تعالى وإياك في مستقر رحمته "، فقال: " لا تقل " هكذا.

قلت: اختلف السلف في هذه الدعوة، وذكرها البخاري في كتاب " الأدب المفرد " له، وحكى عن بعض السلف أنه كرهها، وقال: " مستقر رحمته ذاته "، هذا معنى كلامه، وحجة من أجازها ولم يكرهها، الرحمة ههنا المراد: الرحمة المخلوقة، ومستقرها الجنة، وكان شيخنا يميل إلى هذا القول.ا. هـ.

ويقصد بشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد مر معنا رأيه كما نقله عنه البعلي في " الاختيارات ".

4 - وقال السيوطي في " الحاوي " (1/ 253):

مسألة: رجل قال: اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك، فأنكر عليه شخص فمن المصيب؟

الجواب: هذا الكلام أنكره بعض العلماء، ورد عليه الأئمة منهم النووي وقال: الصواب جواز ذلك، ومستقر الرحمة هو الجنة.ا. هـ.

5 - وقال العلامة الألباني في تعليقه على أثر أبي العطاردي في " صحيح الأدب المفرد " (ص 286 – 287):

وهذا الأثر عنه - أي عن أبي رجاء العطاردي - يدل على فضله وعلمه، ودقة ملاحظته، فإن الجنة لا يمكن أن تكون مستقر رحمته تعالى؛ لأنها صفة من صفاته، بخلاف الجنة فإنها خلق من خلق الله، وإن كان استقرار المؤمنين فيها إنما هو برحمته تعالى، كما في قوله تعالى: " وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " [آل عمران: 107] يعني الجنة.ا. هـ.

6 - وذكر الشيخ بكر أبو زيد في " معجم المناهي اللفظية " مبحث عبارة " مستقر رحمتك " في عدة مواضع وهي:

نقل في (ص 333 – 334) عند عبارة " صباح الخير " كلاما لابن حجر الهيتمي من الفتاوى الحديثية، وفي آخره: ... وزعم أنه يكره أن يقول: ارحمنا برحمتك، كاجمع بيننا في مستقر رحمتك، يردهما أنه لا دليل له بوجه إذ المراد: اجمع بيننا في الجنة التي هي دار القرار ولا تنال إلا بالرحمة.ا. هـ.

ونقل في (ص 599) عند عبارة " ارحمنا برحمتك " كلام الإمام النووي الذي ذكرناه آنفا.

وقال في (ص 604) عند عبارة " الهم اجمعنا في مستقر رحمتك ":

حرر ابن القيم – رحمه الله – القول في هذا الدعاء، مرجحا جواز الدعاء بذلك على قول من قال بالكراهة من السلف فقال – رحمه الله تعالى – في مبحث كلامه على الرحمة والبركة من تحية الإسلام المضافتين إلى الله تعالى على نوعين:

أحدهما: مضاف إليه إضافة مفعول إلى فاعله، والثاني: مضاف إليه إضافة صفة إلى الموصوف بها. وذكر للأول منهما عدة نصوص: منها قوله صلى الله عليه وسلم: " خلق الله الرحمة يوم خلقها مئة رحمة " الحديث. ثم قال: ... ا. هـ.

ونقل كلام ابن القيم الآنف الذكر.

وذكر في (ص 633) عند عبارة " جمعنا الله في مستقر رحمته " حديث البخاري في " الأدب المفرد"، ثم قال: والذي رجحه ابن القيم – رحمه الله تعالى – في " البدائع 2/ 184 " جواز الدعاء به، وفي " بدائع الفوائد 4/ 72 " ذكر أن شيخه مال إليه. والله أعلم.ا. هـ.

وبعد هذه النقول نجد أن بعض السلف كره هذه اللفظة، والبعض الآخر من العلماء أجازوها ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

وقد وجدت بعض المؤلفين يستخدم هذه العبارة حال الدعاء، ولو ذكرت أمثلة لطال بنا المقام. وفي هذا القدر كفاية. والله أعلم.

كتبه:

عبد الله بن محمد زُقَيْل

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[11 - 01 - 03, 08:47 ص]ـ

جزاك الله خيرا أخي الفاضل الشيخ عبدالله زقيل، أفدت وأجدت، رفع الله قدرك وبارك فيك.

ـ[أبو صلاح الدرويش]ــــــــ[09 - 03 - 10, 04:50 م]ـ

بارك الله فيك ونفع بيك

ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[09 - 03 - 10, 05:00 م]ـ

حفظكم الله وبارك فيكم على رفعكم المقال!

ـ[حاتم الدوسي]ــــــــ[09 - 03 - 10, 06:11 م]ـ

جزاك الله خير شيخنا ماشاء الله عليك

ـ[عبد الله الطيب]ــــــــ[09 - 03 - 10, 10:49 م]ـ

جزاكم الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير