تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث: " قَوْله: (أُتِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسه بِمَشَاقِص فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ)

الْمَشَاقِص: سِهَام عِرَاض، وَاحِدهَا مِشْقَص بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْقَاف، وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِمَنْ يَقُول: لَا يُصَلَّى عَلَى قَاتِل نَفْسه لِعِصْيَانِهِ، وَهَذَا مَذْهَب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ الْحَسَن وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَمَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء: يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيث بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ زَجْرًا لِلنَّاسِ عَنْ مِثْل فِعْله، وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَة، وَهَذَا كَمَا تَرَكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاة فِي أَوَّل الْأَمْر عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْن زَجْرًا لَهُمْ عَنْ التَّسَاهُل فِي الِاسْتِدَانَة وَعَنْ إِهْمَال وَفَائِهِ، وَأَمَرَ أَصْحَابه بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبكُمْ ". قَالَ الْقَاضِي: مَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة الصَّلَاة عَلَى كُلّ مُسْلِم وَمَحْدُود وَمَرْجُوم وَقَاتِل نَفْسه وَوَلَد الزِّنَا. وَعَنْ مَالِك وَغَيْره: أَنَّ الْإِمَام يَجْتَنِب الصَّلَاة عَلَى مَقْتُول فِي حَدٍّ، وَأَنَّ أَهْل الْفَضْل لَا يُصَلُّونَ عَلَى الْفُسَّاق زَجْرًا لَهُمْ."

6 - لكن ينبغي التنبيه على أمر في غاية الخطورة وهو أن اليقين لا يزول بالشك فكل من ثبت إسلامه بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، ومن ثبت إسلامه وشككنا في كفره فهو ما زال مسلما؛ لأن ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين مثله، أما كلام شيخ الإسلام فيكون في أضيق الأحوال و لا يحدد المسألة إلا عالم بصير بقواعد التكفير، فالكلام في الإيمان والكفر لا يترك لعامة الناس.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

ـ[توبة]ــــــــ[30 - 06 - 07, 06:07 م]ـ

بارك الله فيكم على هذا التوضيح،

وهذا نقل آخر لابن القيم يتحدث فيه عن التعليق بالشرط عموما، من كتابه (أحكام أهل الذمة)

[والأصل في الشروط الصحة والمسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا وكذلك الهبة يجوز تعليقها بالشرط كما ثبت ذلك في قوله أما ما كان لي ولبني عبدالمطلب فهو لك.

وكذلك هبة الثواب يجوز تعليقها بالشرط نحو اللهم إن كنت قبلت مني هذا العمل فاجعل ثوابه لفلان.

وكذلك الدعاء في صلاة الجنازة يجوز تعليقه بالشرط نحو اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه.]

وبالنسبة لسؤالي أعلاه عمن مات منتحرا، فاني قصدت بالقياس، تعليق الدعاء بالشرط عند الصلاة عليه، ولم أقصد حكم صلاة الجنازة.

و تكميلا للفائدة، مادمنا نتحدث عن تعليق الشرط في الدعاء على وجه التحديد، كيف نوافق بين ما تبين أعلاه وبين ما ورد من كراهة تعليق الدعاء كما جاء في الحديث:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له) رواه البخاري و مسلم.

هل الكراهة هنا لتقييد استجابة الدعاء بمشيئة الله، والذي يتنافى مع الغرض من الدعاء؟ أم لسبب آخر؟

ـ[محمد العبادي]ــــــــ[30 - 06 - 07, 06:44 م]ـ

1 - قال الإمام النووي رحمه الله في هذا الحديث: "قَالَ الْعُلَمَاء: عَزْم الْمَسْأَلَة الشِّدَّة فِي طَلَبهَا، وَالْجَزْم مِنْ غَيْر ضَعْف فِي الطَّلَب، وَلَا تَعْلِيق عَلَى مَشِيئَة وَنَحْوهَا، وَقِيلَ: هُوَ حُسْن الظَّنّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الْإِجَابَة. وَمَعْنَى الْحَدِيث: اِسْتِحْبَاب الْجَزْم فِي الطَّلَب، وَكَرَاهَة التَّعْلِيق عَلَى الْمَشِيئَة، قَالَ الْعُلَمَاء: سَبَب كَرَاهَته أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّق اِسْتِعْمَال الْمَشِيئَة إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ يَتَوَجَّه عَلَيْهِ الْإِكْرَاه، وَاَللَّه تَعَالَى مُنَزَّه عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِر الْحَدِيث: فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِه لَهُ، وَقِيلَ: سَبَب الْكَرَاهَة أَنَّ فِي هَذَا اللَّفْظ صُورَة الِاسْتِعْفَاء عَلَى الْمَطْلُوب وَالْمَطْلُوب مِنْهُ."

إذن فالعلة من المنع على قولين:

أ - أن المشيئة لا تستعمل إلا في حق من يجوز عليه الإكراه، والله منزه عن ذلك

ب - أن الدعاء بهذه الصيغة فيه صورة للاستغناء عن الدعاء وكأن الداعي ليس شغوفا بتحقق الإجابة

وهاتان العلتان ليستا موجودتين في المسألة السابقة.

2 - قلنا إننا نعامل كل المسلمين سواء كانوا فساقا أو غيرهم على أنهم من المسلمين إلا إن ظهر منهم قول كفري أو فعل كفري وأقيمت عليه الحجة الواضحة الظاهرة أو كان مثل هذه الأمور لا يحتمل فيها الجهل كسب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذا يعامل معاملة المرتد.

3 - وجزاك الله خيرا على النقولات الجديدة والفوائد النافعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير