الرابع: ما سوى ذلك فالأصل فيه استحباب رفع اليدين؛ لأن رفعهما من آداب الدعاء، وأسباب أجابته لما فيه من إظهار اللجوء إلى الله عز وجل والافتقار إليه، كما يشير إليه حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيب" وفيه "ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب". الحديث (1).
... وكذلك حديث سلمان المرفوع: "إن الله حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً" (2).
... هذا ما تبين لي من السنة.
... وأما ما ذكرتم من أنكم سمعتم أنه صدر مني فتوى في عدم مشروعية ذلك.
... فهذا كذب علينا، إما عن سوء فهم من ناقله، أو سوء قصد منه، وما أكثر ما ينقل عن الناس من الأشياء المخالفة للواقع لهذين السببين، أو غيرهما، وكثير من الناس يصوغ السؤال للتعبير عما في نفسه، ويجيبه المسؤول بمقتضى ظاهر سؤاله المخالف لما في نفسه، فيفهم السائل الجواب عما في نفسه وينقله عن المسؤول على حسب فهمه، وكثير من الناس يجاب فيفهم الجواب خطأ وينقله كذلك.
... وأما قولكم أظنه قيل بعد السنة: فهذا الذي وقع منكم موقع الظن، وصغتموه بصيغة التمريض، هو الواقع فإنه ليس من السنة أن يعتاد الرجل كلما صلى تطوعاً رفع يديه يدعو الله عز وجل، حتى ليكاد يجعله من الواجب، كما يفعله كثير من العامة ويشعر في نفسه أنه في هذه الحال أقوى رجاء، وأكثر قرباً، وأشد إنابة إلى الله من دعائه في الصلاة.
بل السنة لمن أراد أن يدعو الله عز وجل من المصلين أن يكون دعاؤه قبل السلام مثل أن يجعله في السجود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" (1)، أو يجعله بعد التشهد قبل السلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود (2) - رضي الله عنه - حين علمه التشهد وقال: "ثم ليتخير من المسألة ما شاء"، أو قال: "ما أحب".
... وكما أن الدعاء قبل السلام مقتضى ما دلت عليه السنة، فهو أيضاً مقتضى النظر الصحيح، فإن دعاء المصلي ربه حين مناجاته له أولى من دعائه إذا انصرف من صلاته، وانقطعت المناجاة.
... وأما قولكم: ما دام الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات المكتوبة فلماذا لا ترفع الأيدي في هذه المواطن وغيرها؟
... فالدعاء بين الأذان والإقامة لا ينكر، ورفع اليدين فيه من القسم الرابع، ولكن الناس إذا صلوا النافلة بعد الأذان ثم دعوا لا يقصدون بذلك أنهم دعوا من أجل أن هذا وقت إجابة لكونه بين الأذان والإقامة، وإنما يدعون من أجل أنهم صلوا هذه النافلة ويدل على ذلك أمور:
الأول: أنهم يدعون بعد النافلة التي بعد الفريضة وليس هذا بين الأذان والإقامة.
الثاني: أنهم يدعون بهذا الدعاء أحياناً وإن لم يسلموا إلا بعد الإقامة كما نشاهدهم ويشاهدهم غيرنا وليس هذا بين الأذان والإقامة.
الثالث: أن الكثير منهم إذا دعا بعد الأذان بما يشرع الدعاء به كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة له لا تكاد تراه يرفع يديه بل ربما أنكر على من رفع يديه في هذا الدعاء مع أن هذا من القسم الرابع فالله المستعان.
مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 13\ 192.
بارك الله فيك يا أخي
ـ[محمد بن عبد الجليل الإدريسي]ــــــــ[05 - 07 - 07, 11:07 م]ـ
يا أخي بارك الله فيك نحن نتكلم عن موضع الدعاء و ليس في الدعاء. تقيده في بعض المواضع يعتبر غير مشروع لعدم فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فلذلك وجب على المسلم أن يتوقف عن أمور العبادات التي لم يثبث فيها الفعل و الله أعلم
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[06 - 07 - 07, 02:45 ص]ـ
رفع اليدين بالدعاء ثابت ولا يضر قول أنس رضي الله عنه كما في الصحيح (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه)
فلا يخفى عليكم ما قاله أهل العلم في هذا الحديث فلو لم يكن الا حديث (إن الله حيي كريم .. ) لكفى لأن الدعاء ليس له وقت مخصص بل الداعي اذا دعى يرفع يده عل الله ان يستجيب له فهذا ليس من الابتداع في الدين بل هو عين الاتباع في أي وقت كان ولو كان بعد الصلاة كما أنكره قوم وحديث أخرجه ابو داوود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها) وأخرج الطبراني في الكبير (ما رفع أقوام أكفهم الى الله تعالى يسألونه شيئا الا كان حقا على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوه) قال في المجمع (10/ 169) رجاله رجال الصحيح بل وفي البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال (دعى النبي صلى الله عليه وسلم ثم رفع يديه ورأيت بياض إبطيه) وفي الصحيحين عن ابي حميد رضي الله عنه في قصة اللتبية وفيه (ثم رفع يديه حتى رأيت عفرتي إبطيه فقال اللهم هل بلغت)
فليس من الرشيد تبديع من يسأل الله في وقت يرجى استجابة الدعاء فيه على هيئة ترجى إجابة الدعوة عليه
والله أعلم
¥