تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سادساً: أنه يكثر الاستدلال، وهذا من مزايا شيخ الإسلام -رحمه الله- أنَّ أدلته التي يوردها كثيرة ومتنوِّعة فتجد أنه يستدل بآيات القرآن استدلالاً مستفيضاً ويستدل بالسُّنن ويُميِّز -رحمه الله- بين المقبول منها وغير المقبول وما أدرجه أئمة السنة قبله في تواليفهم وما لم يوردوه، كذلك يستدل بالإجماع إذا وُجد، كذلك يستدل بالقياس، يستدل بالتقعيد الفقهي، يستدل بأقوال الصحابة فيما يريد تقريره، يستدل بالتنظير وهذه أنواع من الأدلة معلومة في أصول الفقه.

سابعاً: كثرة استعماله لعلوم الآلة: فيكثر من استعمال أصول الفقه، يكثر من استخدام النحو في الموارد التي يحتاجها، يكثر من استخدام ما يحتاجه من كلام المناطقة وكلام المتكلِّمين فيما يريد تقريره أو ما يريد الرد فيه على المخالفين.

ثامناً: أنه -رحمه الله- يستعمل مصطلحات أهل الفنون ولكلِّ فنٍّ مصطلح، هذه هي التي يُسمِّيها العلماء اللُّغة العرفية فشيخ الإسلام إذا تكلم في مسألة فقهية استخدم كلام أهل الفقه، لغة الفقهاء، وإذا تكلم في مسائل عقدية استخدم لغة أهل ذلك العلم، وإذا تكلم في مسائل أصولية استخدم لغة الأصوليين، وإذا تكلم في مسائل لغوية أو نحوية استخدم لغة أهل ذلك الفنّ وإذا تكلم مع أهل السلوك والصُّوفية استخدم لغة أولئك فالناظر في كلامه إذا لم يكن عنده علم بعلوم الآلة وبمصطلحات أهل الفنون فربَّما خلَّط في الاصطلاح وربَّما جعل كلمة بمعنى كلمة أخرى وكل كلمة لها معنى لا تَشْركها فيه الكلمة الأخرى فهناك فرق في الأوضاع العرفية اللغوية في الكلمات على حسب استعمال أصحاب كل فنٍّ وبين الاستخدام اللُّغوي لأنَّ العرف تخصيص والاصطلاح لا مُشاحَّة فيه فإذا نظر الناظر في كلام شيخ الإسلام وقرأ كلامه وهو على غير معرفة بمراده بتلك الكلمات والاصطلاحات انتقل إلى ذهنه يريد من تلك المسألة أو من تلك الكلمات ما في ذهنه من معنى تلك الكلمة فيقع الخلط كما وقع في كلام عدد ممن ينقلون عن شيخ الإسلام ولا يفهمون مراده في كلامه وهو يستخدم كلمات ينبغي بل يجب أن تفهم على مصطلحات أهل الفنون، لا تفهم على حسب ما يتبادر إلى الذهن لأنَّ لغة العلم مُحكَّمة ويتمَّيز أهل العلم فيما بينهم ويتفاضلون بمقدار استعمالهم للغة العلم فكلما كان العالم أكثر استعمالاً للغة العلم كلما كان قدره وتأصيله أرفع لأن لغة العلم محكَّمة ولأنها تنفي التداخل وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- طبَّق ذلك كثيراً فتجده يستخدم المصطلحات التي يستخدمها أهل العلوم فإذا كان ثَمَّ كلمةٌ تحتمل أكثر من وَجْهٍ أو ليس ثَمَّ اصطلاحٌ متَّفقٌ عليه بين الفئات تجد أنه يذكر أن هذه الكلمة مجملة فهي إِنْ فُسِّرتْ بكذا تحتمل كذا، وينبغي حملها على المعنى الصحيح، وخاصَّة في المسائل التي يستخدمها أو في الكلمات التي يستخدمها المتكلِّمون فيستخدمها أتباع السلف الصالح فيكون ثَمَّ فرقٌ بين استعمال هؤلاء واستعمال هؤلاء أو بعض الكلمات التي ربَّما أنه في مصطلح الحنفية مثلاً من الفقهاء لها عُرف خاصٌ عندهم وعند غيرهم لها معنىً آخر وكذلك في الكلمات التي يكون المصطلح الحادث فيها عند أهل فنٍّ مخالف لما كان في العُرف الشرعي لما كان قد جاء في الكتاب والسُّنة وهذا مُتنوِّع ويحتاج في بسطه والتمثيل عليه إلى وقت أطول من هذا.

المقصود أن هذا الذي ذكرتُ من النُّقاط هذه من مميزات كلامه فإذا نظر الناظر في كلامه ينبغي له أن يستحضر هذه المسائل وأن يُفرِّق بين الواحدة والأخرى وأن يتنبه إلى ما أورده من ذلك فيفهم كلامه على نحو ما في عقله وتصوره من التصورات لأنه إذا فَهِمْتَ كلامه على ما في ذهنك كُنْتَ مُحكِّماً لنفسك على شيخ الإسلام وإنما يُقْبل الحكم منه -رحمه الله- على نفسه لأنه هو الذي استعمل الكلام، وكلامه يُفهم عن طريقه لا عن طريق غيره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير