تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثاًَ: المزية الثالثة من مزايا كلام شيخ الإسلام في الفقهيات كثرة استدلال شيخ الإسلام -رحمه الله- بالنصوص، أعني بالقرآن والسنة، والقرآن يعني بالقراءات والسنة بمختلف الروايات وهذا ظاهر بيِّن فهو يورد الحُجج من الكتاب والسنة وإذا عَرَض للأدلة من السنة فإنه يدخل فيها بالكلام على صحة الأحاديث وعلى الرجال وهذا في تارات ينفرد به؛ لأن نظره فيه نظر مجتهد استقل بالحكم على الحديث واستقل بالاجتهاد في الرجل في بعض الأحيان وإذا نقل كلام علماء الجَرْح والتعديل أيضاً رجَّح ما يظهر له وهذا يعني أن كلامه في ذلك قد يكون موافقاً عليه عند غيره من الأئمة وقد لا يكون مُوافَقاً عليه فطالب العلم إذا نظر دليل مسألة أوردها شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله- ينبغي له أن ينظر إلى كلام الأئمة الآخرين في هذه (المسألة) حتى يظهر له كيف اجتهد شيخ الإسلام -رحمه الله- في هذا الحديث حتى وصفه بهذا الوصف من الحُسْن أو الصِّحة أو الضعف إلى غير ذلك وشيخ الإسلام يضعف كثيراً بالنظر إلى المتن فهو ينظر إلى المتون لقوة ما أدركه من العلم نظر مجتهدٍ فيضعف ويصحح بالنظر إلى المتن ولو كان الإسناد ضعيفاً ولو كان الإسناد صحيحاُ. فربَّما كان من الأسانيد ما هو ضعيف وحسَّن الحديث لمتنه وربَّما كان من الأسانيد ما هو صحيح وضعف الحديث أيضاً لمتنه والعكس كذلك ربما كان من الأسانيد ما هو ضعيف فصحح الحديث لمتنه وهذه قوة نظرِ مجتهدٍ مطلقٍ وهكذا كان الأئمة أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة –رحمهم الله تعالى- وغيرهم يفعلون من قوة إدراكهم لقواعد الشرع ومعرفتهم بمقاصد الشارع.

رابعاً: المزية الرابعة في كلامه في الفقهيات أنه -رحمه الله تعالى- ظهر في كلامه تطبيق أصول الفقه فهو حين يتكلم على المسألة ويورد أدلتها يستنبط، وهذا الاستنباط يوافق القواعد المعروفة في علم أصول الفقه ومن المعلوم أن علم أصول الفقه مبنيٌّ على أربعة أركان الحكم/ والدليل/ والاستدلال/ والمستدل. وشيخ الإسلام يخلط هذه جميعاً ويستحضرها استحضاراً واحداً فتارة تجد أنه في المسألة الواحدة يأتيها من جهة النظر في الحكم ومن جهة النظر في الاستدلال ومن جهة النظر في الركن الأخير وما فيه من قواعد الترجيح ... إلى غير ذلك فمن لم يدرك أصول الفقه فإنه يكون نظره في كلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة ضعيفاً وهذا ظاهر في أنَّ من الناس من لم يتصور أدلة شيخ الإسلام ابن تيمية وربما استدل بدليل أورده شيخ الإسلام ابن تيميَّة ولم يدرك موقع الاستدلال، أورد الدليل لكن ما وجه الاستدلال؟

لم يدرك ذلك؛ وذلك لأن معرفة الاستدلال مبنيٌّ على وسيلته وهي أصول الفقه إذ الاستدلال هو الركن الثالث من أركان أصول الفقه وهذا يحتاج إلى دقة نظر في المطالع لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية لأصول الفقه وهو في أصول الفقه ليس مقلداً تماماُ وإنما له اجتهادات في مسائل من أصول الفقه لم يجتهد في كل المسائل كاجتهاد الأئمة المستقلين أحمد والشافعي ومالك ... إلى آخر أولئك، ولكنه له اجتهاد في بعض المسائل مُدوَّنٌ اجتهاده في الْمُسَوَّدة في أصول الفقه فمن المسائل ما يوافق فيها مذهب الحنفية ومن المسائل ما يوافق فيه مذهب الشافعية يعني في أصول الفقه وإن كان أكثر اتِّباعه في مسائل أصول الفقه لكلام أئمة الحنابلة -رحمهم الله تعالى-.

خامساً: المزية الخامسة كثرة إيراده للنظائر وهذا علم مهم أعني به علم النظائر في الفقه لأن المسائل الفقهية إذا تواردت وصارت نظائرها كثيرة قويت المسألة وقَوِيَ تأصيلها، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يورد النظائر ويكثر منها فيما أسميناه في المحاضرة [السابقة] بالاستطراد فإنه إذا أصَّل مسألة يبدأ بذكر النظائر لهذه المسألة التي يريد منها أن يبيِّن أن هذه المسألة موافقة لنظائر كثيرة جاء الشرع بالتوافق في الحكم فيها مع المسألة الأصلية التي عَرَضَ لها فهذا لا شك أنه من علوم المجتهدين لكن ليس كلٌّ يدرك معنى هذه النظائر التي يوردها شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير