تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الله عز وجل: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا) عن الحسن البصري قال: قال رجل لأخيه هل أتاك أنك وارد النار قال نعم قال فهل أتاك أنك صادر عنها؟ قال لا قال ففيم الضحك؟ قال فما رئي ضاحكا حتى لحق بالله تعالى، فهذا حال المؤمن الذي ما ذكر في نفسه أو ذُكر بالنار إلا وجف قلبه وارتعدت فرائصه ولان جانبه لذكر الله وما نزل من الحق، جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَة- رضي الله عنه-َ، عَنْ رَسُولِ اللّهِ، قَالَ: «قَالَتِ النَّارُ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضَاً. فَأْذَنْ لِي أَتَنَفَّسْ. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ. فَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ بَرْدٍ أَوْ زَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ. وَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ حَرَ أَوْ حَرُورٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ».رواه مسلم، فنحن نعيش هذه الأيام الحارة مع موعظة وعظها لنا ربنا تبارك وتعالى فهل نحن متعظون؟

فقلبُ المؤمنُ الحي أبسط شيء من هذه الدنيا يذكره بشبيهه في الآخرة فتراه قلما يغفلُ أو ينسى ذكر النار وسؤال الله النجاة منها - نسأل الله أن يحرمنا على النار-.

الثمرة الثالثة: الاعتبار بما جرى لأمم الغابرة:

قال تعالى مخبراً عن أصحاب الأيكة وتكذيبهم لنبيه الكريم شعيب: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) قال ابن كثير- رحمه الله - في تفسيره: (ولهذا قال تعالى "فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم" وهذا من جنس ما سألوه من إسقاط الكسف عليهم فإن الله سبحانه وتعالى جعل عقوبتهم أن أصابهم حر عظيم مدة سبعة أيام لا يكنهم منه شيء ثم أقبلت إليهم سحابة أظلتهم فجعلوا ينطلقون إليها يستظلون بظلها من الحر فلما اجتمعوا كلهم تحتها أرسل الله تعالى عليهم منها شررا من نار ولهبا ووهجا عظيما ورجفت بهم الأرض وجاءتهم صيحة عظيمة أزهقت أرواحهم ولهذا قال تعالى "إنه كان عذاب يوم عظيم" وقد ذكر الله تعالى صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق ففي الأعراف ذكر أنهم أخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وذلك لأنهم قالوا "لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا" فأرجفوا نبي الله ومن اتبعه فأخذتهم الرجفة وفي سورة هود قال "فأخذتهم الصيحة" وذلك لأنهم استهزءوا بنبي الله في قولهم "أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد" قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم فقال "فأخذتهم الصيحة" الآية وها هنا قالوا "فأسقط علينا كسفا من السماء" الآية على وجه التعنت والعناد فناسب أن يحقق عليهم ما استبعدوا وقوعه "فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم" قال قتادة: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: إن الله سلط عليهم الحر سبعة أيام حتى ما يظلهم منه شيء ثم إن الله أنشأ لهم سحابة فانطلق إليها أحدهم فاستظل بها فأصاب تحتها بردا وراحة فأعلم بذلك قومه فأتوها جميعا فاستظلوا تحتها فأججت عليهم نارا وهكذا روي عن عكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم بعث الله إليهم الظلة حتى إذا اجتمعوا كلهم كشف الله عنهم الظلة وأحمى عليهم الشمس فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى وقال محمد بن كعب القرظي: إن أهل مدين عذبوا بثلاثة أصناف من العذاب: أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا منها فلما خرجوا منها أصابهم فزع شديد ففرقوا أن يدخلوا إلى البيوت فتسقط عليهم فأرسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل فقال ما رأيت كاليوم ظلا أطيب ولا أبرد من هذا هلموا أيها الناس فدخلوا جميعا تحت الظلة فصاح بهم صيحة واحدة فماتوا جميعا ثم تلا محمد بن كعب "فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم" وعند محمد بن جرير عن يزيد الباهلي سألت ابن عباس عن هذه الآية "فأخذهم عذاب يوم الظلة" الآية قال بعث الله عليهم رعدا وحرا شديدا فأخذ بأنفاسهم فخرجوا من البيوت هربا إلى البرية فبعث الله عليهم سحابة فأظلتهم من الشمس فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضاً حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل الله عليهم نارا قال ابن عباس فذلك عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير