تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال خرج سهل بن حنيف ومعه عامر بن ربيعة يريدان الغسل فانتهيا إلى غدير فخرج سهل يريد الخمر قال وكيع يعني به الستر حتى إذا رأى أنه قد نزع جبة عليه من صوف فوضعها ثم دخل الماء قال فنظرت إليه فأصبته بعيني فسمعت له قرقفة في الماء فأتيته فناديته ثلاثاً فلم يجبني فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فجاء يمشي فخاض الماء حتى كأني أنظر إلى بياض ساقيه فضرب صدره ثم قال اللهم اذهب عنه حرها وبردها ووصبها فقام فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يحب فليبرك فإن العين حق.

أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين رقم (7500) 4/ 240 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

قال الحافظ ابن كثير: قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا محمد بن معمر حدثنا أبو داود حدثنا طالب بن حبيب بن عمرو بن سهل الأنصاري ويقال له بن الضجيع ضجيع حمزة رضي الله عنه حدثني عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس قال البزار يعني العين قال ولا نعلم يروي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد قلت بل قد روي من وجه آخر عن جابر قال الحافظ أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر الهروي المعروف بشكر في كتاب العجائب وهو مشتمل على فوائد جليلة وغريبة حدثنا الرمادي حدثنا يعقوب بن محمد حدثنا علي بن أبي علي الهاشمي حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العين حق لتورد الرجل القبر والجمل القدر وإن أكثر هلاك أمتي في العين ثم رواه عن شعيب بن أيوب عن معاوية بن هشام عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تدخل الرجل العين في القبر وتدخل الجمل القدر وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات ولم يخرجوه.

تفسير ابن كثير 4/ 412

قال أبو عمر ابن عبد البر: لا أعلم خلافاً بين العلماء في جواز الرقية من العين أو الحمة وهي: لدغة العقرب وما كان مثلها إذا كانت الرقية بأسماء الله عز وجل ومما يجوز الرقي به وكان ذلك بعد نزول الوجع والبلاء وظهور العلة والداء وإن كان ترك الرقى عندهم أفضل وأعلا لما فيه من الاستيقان بأن العبد ما أصابه لم يكن ليخطئه وأنه لا يعد شيء وقته وأن الأيام التي قضى الله بالصحة فيها لم يسقم فيها من سبق في علم الله صحته.

الاستذكار لابن عبد البر 8/ 405.

قلت: قوله (ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين) فيه إثبات القدر، وهو حق، بالنصوص وإجماع أهل السنة، ومعناه: أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى، ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله تعالى وسبق بها علمه، فلا يقع ضرر العين، ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى، وفيه صحة أمر العين، وإنها قوية الضرر.

قال ابن القيم: وقد روى الترمذي من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من عين الإنسان صحيح فلولا أن العين شر لم يتعوذ منها، وفي الترمذي من حديث علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير حدثني حابس بن حبة التميمي حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا شيء في الهام والعين حق ضعيف لكن قوله والعين حق صحيح

وفيه أيضا من حديث وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا رواه مسلم وفي الباب عن عبدالله بن عمر وهذا حديث صحيح، والمقصود أن العائن حاسد خاص وهو أضر من الحاسد ولهذا والله أعلم إنما جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن لأنه أعم فكل عائن حاسد ولا بد وليس كل حاسد عائنا فإذا استعاذ من شر الحسد دخل فيه العين وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجازه وبلاغته وأصل الحسد هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها الساحر والحاسد فالحاسد عدو النعم وهذا الشر هو من نفس الحاسد وطبعها ليس هو شيئاً اكتسبه من غيرها بل هو من خبثها وشرها بخلاف السحر فإنه إنما يكون باكتساب أمور أخرى واستعانة بالأرواح الشيطانية فلهذا والله أعلم قرن في السورة بين شر الحاسد وشر الساحر لأن الإستعاذة من شر هذين تعم كل شر يأتي من شياطين الإنس والجن فالحسد من شياطين الإنس والجن والسحر من النوعين، وبقي قسم ينفرد به شياطين الجن وهو الوسوسة في القلب فذكره في السورة الأخرى كما سيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى فالحاسد والساحر يؤذيان المحسود والمسحور بلا عمل منه بل هو أذى من أمر خارج عنه ففرق بينهما في الذكر في سورة الفلق والوسواس إنما يؤذي العبد من داخله بواسطة مساكنته له وقبوله منه ولهذا يعاقب العبد على الشر الذي يؤذيه به الشيطان من الوساوس التي تقترن بها الأفعال والعزم الجازم لأن ذلك بسعيه وإرادته بخلاف شر الحاسد والساحر فإنه لا يعاقب عليه إذ لا يضاف إلى كسبه ولا إرادته فلهذا أفرد شر الشيطان في سورة وقرن بين شر الساحر والحاسد في سورة وكثيرا ما يجتمع في القرآن الحسد والسحر للمناسبة.

بدائع الفوائد لابن القيم 2/ 458 - 459.

جمعه وكتبه أبو عبد الله: محمد بن محمد المصطفى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير