ـ[محمد بن الحسن المصري]ــــــــ[18 - 04 - 07, 02:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد:
فقد حصل أخيراً اختلاف في حديث " سبعة يظلهم الله في ظله " وكثرت التساؤلات عن المراد منه فرأيت أن من واجبي أن أبين مراد رسول الله ? من هذا الحديث في ضوء النصوص النبوية والقواعد الشرعية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أسأل الله أن ينفعني وينفع إخواني المسلمين بهذه الدراسة وأن يجعله في صحيفة حسناتي.
نص الحديث
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي ?قال: (سبعة يظلهم اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ بعبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في اللَّه اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال:إني أخاف اللَّه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر اللَّه خالياً ففاضت عيناه " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ()
هذا الحديث: صحيح اتفق الشيخان على تخريجه نسأل الله أن يجعلنا من أهله.
لكن ما المراد من قوله ?: " يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ".
والجواب: أن هذا الظل إنما هو ظل العرش وإضافته إلى الله إنما هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه إضافة تشريف مثل:
1 - قول الله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}.
2 - ومثل قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ}.
3 - ومثل قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}.
4 - وقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}.
فإضافة هذه الناقة إلى الله إضافة تشريف, وإضافة البيت إلى الله -والمراد به الكعبة- إضافة تشريف, وكذلك إضافة الرسول إلى الله إضافة تشريف, وكل أولئك مخلوقون وإضافتهم إلى الله إضافة مخلوق إلى خالقه إضافة تشريف وإلا فالعالمون كلهم مخلوقون.
وهناك قواعد عظيمة يجب مراعاتها عند تفسير كلام الله وكلام رسوله ?.
منها قاعدة عظيمة يذكرها شيخ الإسلام في المضاف إلى الله ينبغي للباحث في قضايا التوحيد وما يتصل بها أن يراعيها ويجعلها نصب عينيه ومن لم يراعها وقع في الخطأ مهما بلغ من العلم والفضل. وسألخص كلامه بحسب ما يقتضيه المقام:
قال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (9/ 290 - 291) وهو يتحدث عن الروح في الإنسان وأنها تدبر الجسم وتخاطب وأن نسمة المؤمن طائر تعلق من ثمر الجنة ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش.
وأن الأرواح أسودة عن يمين آدم وعن يساره، وأنها تقبض وترسل، وأنها تعرج إلى السماء، وأنها تسمى روحاً وتسمى نفساً باعتبارين.
ثم قال: " ولهذا تسمى الريح روحاً وقال النبي ? " الريح من روح الله"، أي: من الروح التي خلقها الله.
ثم ذكر القاعدة العظيمة فقال: " فإضافة الروح إلى الله إضافة ملك لا إضافة وصف إذ كل ما يضاف إلى الله إن كان عيناً قائمة بنفسها، فهو مِلك له وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به، فهو صفة لله.
فالأول: كقوله: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}، وقوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}، وهو جبريل، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً. قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً}.
وقال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا}.
وقال عن آدم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ}.
قلت: يعني أن هذه الأمور المذكورة في هذه الآيات التي مثل بها هي أعيان قائمة بذاتها فإضافتها إلى الله إضافة ملك، أو قل إضافة تشريف وليست من باب إضافة الصفة إلى الموصوف تعالى الله عن ذلك.
ثم قال -رحمه الله-: " والثاني: كقولنا علم الله وكلام الله وقدرة الله وأمر الله ".
قلت: يعني أن هذه الصفات الجليلة صفات لله قائمة بذاته، فإضافتها إليه من إضافة الصفة إلى الموصوف.
¥