وحكى الشيخ العلامة أحمد شاكر: أن خطيبًا فصيحًا مفوهًا أراد أن يثني على أحد كبار المسؤولين لأنه احتفى بطه حسين فلم يجد إلا التعريض برسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فقال في خطبته: جاءه الأعمى فما عبس وما تولى!!
قال الشيخ أحمدُشاكر:
ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى،فأقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسي ـ بعد بضع سنين،وبعد أن كان عاليًا منتفخًا، مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء ـ رأيته مهينًا ذليلاً، خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلةوصغار!!
*************
وذكروا أن رجلاً ذهب لنيل الشهادة العليا من جامعة غربية،وكانت رسالتُهُ متعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكان مشرفه شانئًا حانقًا،فأبى أن يمنحه الدرجة حتى يضمن رسالته انتقاصًا للمصطفى صلى الله عليه وسلم، فضعفت نفسه، وآثر الأولى على الآخرة.
فلما حاز شهادته ورجع إلى دياره فوجئ بهلاك جميع أولاده وأهله في حادث مفاجئ.
لا إله إلا الله.
صدق الله .. {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ}.
****************************
وليعلم أن كفاية الله لنبيه ممن استهزأ به أو آذاه ليست مقصورة على إهلاك هذا المعتدي بقارعة أو نازلة.
بل صور هذه الكفاية والحماية متنوعة متعددة ..
فقد يكفيه الله عز وجل بأن يسلط على هذا المستهزئ المعتدي رجلاً من المؤمنين يثأر لنبيه صلى الله عليه وسلم، كما حصل في قصة كعب بن الأشرف اليهودي الذي كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم.
واليهودية التي كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم فخنقها رجل حتى ماتت (أبو داود)
وأم الولد التي قتلها سيدها الأعمى لما شتمت النبي صلى الله عليه وسلم (أبو داود)،
وأبي جهل إذ قتله معاذ ومعوذ لأنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والخطْمية التي هجت النبي صلى الله عليه وسلم فانتدب لها رجل من قومها (الصارم المسلول 95)،
وأبي عَفَك اليهودي الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم فاقتصه سالم ابن عمير (الصارم المسلول 102)،
وأنس بن زُنَيم الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم فشجه غلام من خزاعه (الصارم المسلول 103)،
وسلام ابن أبي الحقيق إذ ثأر للنبي صلى الله عليه وسلم منه عبد الله بن عتيك وصحبه (الصارم المسلول 135).
ولعل أغرب وأعجب وأطرف ما في هذا الباب ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤلفه المشهور (الصارم المسلول على شاتم الرسول) (ص: 134)،
قال رحمه الله: وقد ذكروا أن الجن الذين آمنوا به، كانت تقصد من سبه من الجن الكفار فتقتله،فيقرها على ذلك، ويشكر لها ذلك!
ونقل عن أصحاب المغازي أن هاتفًا هتف على جبل أبي قبيس بشعر فيه تعريض بالنبي صلى الله عليه وسلم، فما مرت ثلاثة ايام حتى هتف هاتف على الجبل يقول:
نحن قتلنا في ثلاث مسعرا ... إذ سفه الحق وسن المنكرا
قنّعتُهُ سيفًا حسامًا مبترا * * * بشتمه نبينا المطهرا
ومسعر ـ كما في الخبر ـ اسم الجني الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن صور كلاءة الله لنبيه ممن تعرض له بالأذى أن يحول بين المعتدي وبين ما أراد بخوف يقذفه في قلبه،
أو ملك يمنعه مما أراد ..
وقد روي أن غورث بن الحرث قال لأقتلن محمدًا، فقال له أصحابه، كيف تقتله؟
قال: أقول له أعطني سيفك، فإذا أعطانيه قتلته به.
فأتاه فقال: يا محمد أعطني سيفك أشمّه، فأعطاه إياه فرعدت يده، فسقط السيف،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حال الله بينك وبين ما تريد" (الدر المنثور 3/ 119).
ومثل ذلك ما ذكره ابن كثير في تفسيره (4/ 530) من أن أبا جهل قال لقومه: واللات والعزىلئن رأيت محمدًا يصلي لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته،فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه!
فقيل: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه خندقًا من نار وهولاً وأجنحة!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا".
¥