تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[** قبل الرحيل المر **]

ـ[مشرف موقع معهد الفرقان]ــــــــ[22 - 07 - 07, 01:24 م]ـ

قبل الرحيل المر

يجب تحفيز الهمة لتقوى على المجاهدة في الأزمنة الفاضلة، لذا أشار الشرع إلى ذلك باستحباب صوم شعبان لتتأهب النفس وتقوى على صيام رمضان بسهولة.

وكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل أن يبدأ بركعتين خفيفتين حتى تتريض نفسه ولا تضجر.

وأشار الشاطبي في "الموافقات" إلى أن السنن والنوافل بمثابة التوطئة وإعداد النفس للدخول في الفريضة على الوجه الأكمل.

وكثير من الناس يعقد الآمال بفعل جملة من الطاعات في شهر رمضان فإذا ما أتى الشهر (أصبح خبيث النفس كسلان) وذلك لأنه لم يحل عقدة العادة والكسل والقعود.

والعزيمة لا تكون إلا فيما لا تألفه النفوس أو لا تحبه فتحتاج النفس إلى المجاهدة في معرفة فضل ذلك العمل المكروه إليها ثم في مجاهدة وإرادات العجز والكسل، ولذلك قال الله عن الجهاد: ? وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ... ? [البقرة - 216].

وتمارين العزيمة من صميم القيام بحق شهر رمضان وتحصيل المغفرة فيه لأنه لا قوة للنفس ما لم تُعد العدة للطاعة قال تعالى: ? وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُم فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ? [التوبه - 46].

فأين أنا وأنت أخي الحبيب من هذه التمارين فاليوم هو الخامس من شهر رجب؟!

لذا جمعنا لكم هذه الرسالة تذكرة في محاولة للاستعداد للقيام والصيام فهذه الرسالة للصلاة، وإن شاء الله مطلع شهر شعبان رسالة لمعاني وأحوال الصيام .. والله المستعان.

فإن طيب العيش، والنعيم، إنما هو في معرفة الله، وتوحيده والأنسُ به، والشوق إلى لقائه، واجتماع القلب والهمِّ عليه.

فإن أنكد العيش عيش مَنْ قَلبُهُ مُشَتَّتٌ، وهمُهُ مُفَرَّقٌ، فليس لقلبه مستقر يستقر عنده ولا حبيب يأوي إليه ويسكن، كما أفصح القائل ذلك بقوله:

وما ذاق طعمَ العيشِ مَنْ لم يكن له

حبيبٌ إليه يطمئنُ ويسكُنُ

فالعيش الطيب، والحياة النافعة، وقُرةُ العين في السكون والطمأنينة إلى حبيبه الأول، ولو تَنَقل القلب في المحبوبات كُلها لم يسكن ولم يطمئن إلى شيء منها، ولم تقرَّ به عينه حتى يطمئن إلى إلهه وربه ووَلِيِّه، الذي ليس له من دونه ولي ولا شفيع، ولا غنى له عنه طرفة عين، كما قال القائل:

كم منزل في الأرض يألفه الفتى

وحنينهُ أبدًا لأول منزل

فاحرص أن يكون همك واحدًا، وأن يكون هو الله وحده، فهذا غاية سعادة العبد. وصاحب هذه الحال في جنة مُعجلة قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل كما قال بعضهم:

"إنه ليمر بالقلب أوقات: أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب".

وقال آخر: "إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربًا".

وقال آخر: "مساكين أهل الدنيا! خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها قيل له وما أطيب ما فيها قال معرفة الله ومحبته والأنس بقربه والشوق إلى لقائه".

وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم أهل الجنة إلا هذا ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة)

[صحيح الجامع - 3124]، فأخبر أنه حبب إليه من الدنيا شيئان النساء والطيب ثم قال (وجعلت قرة عيني في الصلاة).

وَقُرَةُ العين فوق المحبة، فإنه ليس كل محبوب تَقَرُّ به العين، وإنما تقر العينبأعلى المحبوبات، الذي يحب لِذَاتِهِ، وليس ذلك إلا الله الذي لا إله إلا هو، وكل ما سواه فإنما يُحَبُّ تبعًا لمحبته فَيُحَبُ لأجله ولا يحب معه، فإن الحب معه شرك والحب لأجله توحيد.

فالمشرك يتخذ من دون الله أندادًا يحبهم كحب الله، والموحد إنما يحب من يحبه لله وَيُبغض من يبغضه في الله، ويفعل ما يفعله لله، ويترك ما يتركه لله.

ومدار الدين على هذه القواعد الأربع، وهي: الحب والبغض، ويترتب عليهما الفعل والترك والعطاء والمنع فمن استكمل أن يكون هذا كله لله استكمل الإيمان وما نقص منها أن يكون لله عاد ينقص إيمان العبد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير