" وروى الأئمة عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:الإمام العادل ,وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ,ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ,ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ,ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ".
فأنت تراه قد حمل معنى في ظله في حديث السبعة على معنى الأحاديث المصرحة بأن هذا الظل إنما هو ظل عرش الرحمن.
10 - الإمام ابن رجب -رحمه الله-
وقال الإمام ابن رجب -رحمه الله- في نهاية شرحه لحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله ... ) في شرحه لصحيح البخاري:
" وهذا الحديث يدل على أن هؤلاء السبعة يظلهم الله في ظله, ولا يدل على الحصر ولا على أن غيرهم لا يحصل له ذلك؛فإنه صح عن النبي ?: (من أنظر معسراً أو وضع عنه , أظله الله في ظله ,يوم لا ظل إلا ظله). خرجه مسلم من حديث أبي اليسر الأنصاري عن النبي ?.
وخرّج الإمام أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي هريرة عن النبي ? قال: " من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة (1) " وهذا يدل على أن المراد بظل الله: ظل عرشه. انظر فتح الباري لابن رجب (6/ 51).
11 - الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني –رحمه الله-:
قال رحمه الله- في الفتح (2/ 144) في شرح حديث السبعة: قوله: " في ظله " قال عياض: إضافة الظل إلى الله إضافة مِلك وكل ظل فهو ملكه " كذا قال: وكان حقه أن يقول إضافة تشريف ليحصل امتياز هذا على غيره كما قيل: الكعبة بيت الله مع أن المساجد كلها ملكه.
وقيل المراد بظله: كرامته وحمايته كما يقال فلان في ظل الملك، وهو قول عيسى بن دينار وقواه عياض.
وقيل المراد: ظل عرشه، ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن سبعة يظلهم الله في ظل عرشه فذكر الحديث، وإذا كان المراد ظل العرش استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس فهو أرجح، وبه جزم القرطبي (1)، ويؤيده أيضاً تقييد ذلك بيوم القيامة كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر وهو عند المصنف في كتاب الحدود، وبهذا يندفع قول من قال: المراد ظل طوبى أو ظل الجنة لأن ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة، ثم إن ذلك مشترك لجميع من يدخلهما والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة، فيرجح أن المراد ظل العرش) ا. هـ
فأنت ترى أن الحافظ يرجح في هذا السياق مرتين أن المراد بالظل في الأحاديث المضافة إلى العرش والتي لم يضف فيها الظل إلى العرش.
ومجموعها بلغ درجة التواتر والحافظ من أكثر العلماء اطلاعاً على هذه الأحاديث فقد ألف في ذلك رسالة سماها "معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال" وأورد جملة منها في كتابه الأمالي وقد نقل بيتين في ذلك عن أبي شامة وهما:
وقال النبي المصطفى أن سبعة يظلهم الله الكريم بظله
محب عفيف ناشيء متصدق وباك مصل والإمام بعدله
.... ثم تتبعت بعد ذلك الأحاديث الواردة في مثل ذلك فزادت على عشر خصال وقد انتقيت منها سبعة وردت بأسانيد جياد ونظمتها في بيتين تذييلاً على بيتي أبي شامة وهما: وزد سبعة: إظلال غاز وعونه وإنظار ذي عسر وتخفيف حمله
وإرفاد ذي غرم وعون مكاتب وتاجر صدق في المقال وفعله
فأما إظلال الغازي فرواه ابن حبان وغيره من حديث عمر , وأما عون المجاهد فرواه أحمد والحاكم من حديث سهل ابن حنيف , وأما إنظار المعسر والوضيعة عنه ففي صحيح مسلم كما ذكرنا , وأما إرفاد الغارم وعون المكاتب فرواهما أحمد والحاكم من حديث سهل بن حنيف المذكور , وأما التاجر الصدوق فرواه البغوي في شرح السنة من حديث سلمان وأبو القاسم التيمي من حديث أنس , والله أعلم , ونظمته مرة أخرى فقلت في السبعة الثانية:
وتحسين خلق مع إعانة غارم خفيف يد حتى مكاتب أهله
وحديث تحسين الخلق أخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف , ثم تتبعت ذلك فجمعت سبعة أخرى ونظمتها في بيتين آخرين وهما
وزد سبعة: حزن ومشي لمسجد وكره وضوء ثم مطعم فضله
وآخذ حق باذل ثم كافل وتاجر صدق في المقال وفعله
¥