وإذا شهد العبد من نفسه أنه لم يُوَفِ ربه في عبوديته حقه ولا قريبا من حقه علم تقصيره ولم يسعه مع ذلك غير الاستغفار والاعتذار من تقصيره وتفريطه وعدم القيام بما ينبغي له من حقه وأنه إلى أن يغفر له العبودية ويعفو عنه فيها أحوج منه إلى أن يطلب منه عليها ثوابا وهو لو وفاها حقها كما ينبغي لكانت مستحقة عليه بمقتضى العبودية فإن عمل العبد وخدمته لسيده مستحق عليه بحكم كونه عبده ومملوكه فلو طلب منه الأجرة على عمله وخدمته لعده الناس أحمق وأخرق هذا وليس. . . هو عبده ولا مملوكه على الحقيقة وهو عبد الله ومملوكه على الحقيقة من كل وجه لله -سبحانه- فعمله وخدمته مستحق عليه بحكم كونه عبده فإذا أثابه عليه كان ذلك مجرد فضل ومنة وإحسان إليه لا يستحقه العبد عليه.
ومن ههنا يفهم معنى قول النبي: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل) [متفق عليه].
وقال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (يخرج للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوين ديوان فيه حسناته وديوان فيه سيئاته وديوان النعم التي أنعم الله عليه بها فيقول الرب تعالى لنعمه خذي حقك من حسنات عبدي فيقوم أصغرها فتستنفذ حسناته ثم تقول وعزتك ما استوفيت حقي).
بعد فإذا أراد الله أن يرحم عبده وهبه نعمه عليه وغفر له سيئاته وضاعف له حسناته وهذا ثابت عن أنس وهو أدل شيء على كمال علم الصحابة بربهم وحقوقه عليهم كما أنهم أعلم الأمة بنبيهم وسنته ودينه فإن في هذا الأثر من العلم والمعرفة ما لا يدركه إلا أولو البصائر العارفون بالله وأسمائه وصفاته وحقه ومن هنا يفهم قول النبي في الحديث الذي رواه أبو داود والإمام أحمد من حديث زيد بن ثابت وحذيفة وغيرهما إن الله لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم.
فصل
وملاك هذا الشأن أربعة أمور:
(نية صحيحة وقوة عالية يقارنهما رغبة ورهبة)
فهذه الأربعة هي قواعد هذا الشأن ومهما دخل على العبد من النقص في إيمانه وأحواله وظاهره وباطنه فهو من نقصان هذه الأربعة أو نقصان بعضها.
فليتأمل اللبيب هذه الأربعة الأشياء وليجعلها سيره وسلوكه ويبني عليها علومه وأعماله وأقواله وأحواله فما نتج من نتج إلا منها ولا تخلف من تخلف إلا من فقدها.
والله أعلم والله المستعان وعليه التكلان وإليه الرغبة وهو المسؤول بأن يوفقنا وسائر إخواننا من أهل السنة لتحقيقها علما وعملا إنه ولي ذلك والمان به وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ــــــــــــــــــــــــــــ
بتصرف من "رسالة ابن القيم لأحد إخوانه"صـ 32 - 55 ط. عالم الفوائد
علاء شعبان
ـ[العسكري]ــــــــ[23 - 07 - 07, 03:22 ص]ـ
سبحان الله
ظننت أن المقال لك
فكنت كلما قرأت قلت كأنه ابن القيم ثم أقول ماأعظم تأثره بابن القيم فكم قرأ له
ثم وصلت الى خاتمة المقال
فكانت الفاجعة
المقال ليس لك
غفر الله لكم يا معاشر الناقلين
هلا ذكرتم منذ البدء صاحب المقال
على كل حال جزاك الله خيرا
والعنوان أًخي لا يليق بالمضمون البته
والشريف من القول من شرف عنوانه
والعنوان الشريف شرف لما عنون له
وكل هذا شرف لصاحبه في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى