ما نحن بصدده الآن من قضية الختان: هب أنني لا أرى وجوب الختان ولاسنيته في حق الإناث، كيف يحسن بي – أنا طالب العلم أو ربما الشيخ- كيف يحسن بي أن أطول الجدال والنقاش وأقف في صف يقف فيه العلمانيون والمنافقون- لا لأن الختان لا يجب ولا يسن كما هو موقفي- ولكن من أجل القضاء على الشعائر الإسلامية واحدة تلو الأخرى، كيف أردد كلامهم وألقي بشبهاتهم؟ مع اختلاف الأصول والغايات عندي وعندهم.
ألم نقرأ في صحيح البخاري: باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه.
ألم يقل أهل العلم: ليس كل ما يعرف يقال، وليس كل ما يقال في وقت ما يقال في كل الأوقات.
قضية الاستحباب من عدمه تطرح لو كنا في خلافة راشدة، وقد أخذ الإمام في إلزام الناس بختان الإناث، فيقوم ساعتها من لا يرى ذلك ويظهر ما يدين الله به، أما الآن فنحن أمام هجمة علمانية منظمة للقضاء على كل ما هو إسلامي المظهر، أفلا يجمل بنا أن نقف صفا واحدا في وجهها بدلا من أن ننقسم ويكذب بعضنا بعضا ويجهل بعضنا بعضا، وهذا المنتدى بما يحمله من تسمية وبما يضمه من أعضاء أجدر شيء بذلك، فكلمته في أمثال هذه القضايا يجب أن تكون واحدة (إذ كلمتنا مجتمعة على الحفاظ على هويتنا الإسلامية أمام هذا المد الغربي الجارف الذي لن يرضى عنا حتى نخلع كل ما هو إسلامي وإن كان مجرد (قشور خارجية) على حد تعبير بعضهم.
وتأمل قوة التركيز الإعلامي على قضايا تبدو شخصية جدا كارتداء الحجاب، وإطلاق اللحية وغير ذلك مما لا يلتفت إليه لولا أنه يحمل طابعا إسلاميا يراد محوه من الوجود.
ولنأخذ مثالا آخر: قضية الحجاب الآن ومنذ سنوات في العصر الحاضر تتعرض لهجوم شرس من الكفار والعلمانيين والحداثيين الذين يريدون إماتة هذه الشعيرة أماتهم الله بغيظهم، فتطرح بين الأخوة وطلاب العلم مسألة النقاب "تغطية الوجه" هل هو واجب أو مستحب ويطول النقاش ويستعر في المطبوعات وعلى الشبكة العنكبوتية، وينسى من يقول بالاستحباب – وهو قول له ما له من الأدلة القوية- هذه الحملة الشرسة من حوله، وأن كثيرا من كلامه يؤخذ ويدفع به في وجه الحجاب عامة، وأن كلامه الذي ما أراد به إلا نصرة الحق صار سلاحا في يد المنافقين يحاربون به النقاب تمهيدا للإجهاز على الحجاب برمته.
ومما رأيته في هذا المنتدى من هذا القبيل: ما طرح حول مسألة" الفطر بشرب الدخان"، وعجبت من طرح بعض الإخوة الذين لا يرون الفطر بذلك – بغض النظر عن الحكم الشرعي في المسألة- فوجدت بعضهم يقول ببساطة أقرب إلى السذاجة: الدخان غير مفطر بل هو مثل مشاهدة الأفلام الخليعة، لكن ازرعوا في قلوب الناس تعظيم حرمات الله تعالى؟ سبحان الله، أيدري هؤلاء أين يعيشون، أي زمن هذا الذي يزرع فيه تعظيم حرمات الله، أفي هذا الزمان المنتكس بأهله، الذي يبحث فيه عن الرخص بالمنقاش؟ أفي هذا الزمان الذي أفتي فيه بحل الفائدة الربوية الناتجة من قرض جر نفعا بشرط؟!
ثم متى انتهى مدمنو الأفلام الخليعة عن مشاهدتها في صوم أو في فطر، مع أن إدمان الأفلام لا يعد شيئا مع إدمان الدخان كما ظاهر للعيان.
الحمد لله، المدخنون وما أكثرهم- لا كثرهم الله – يعتقدون أن التدخين من المفطرات، وعليه فلا يدخنون في وقت الصيام. هذه نعمة من الله تعالى أنهم يتركون هذا المحرم في نهار شهر رمضان، هل أفتح لهم بابا من الشر بأن أقول: هو حرام لكنه غير مفطر، مع علمي بأن بعض المفتين قال: هو مكروه فقط، وبعضهم قال: هو مباح.
ما الفائدة من إثارة مثل هذه المسائل الفقهية في زمن (الفضائحيات) الذي إن قلت شئيا في أقصى الشرق طار في حينه إلى أقصى الغرب؟!
فوجهة نظري في هذه القضية وأمثالها: أنها متى طرحت في مكان عام كالمنتديات أو حتى المحاضرات والدروس يجب أن يكون القول فيها واحدا، وهو ما كان مراعيا لجانب المصلحة وسد الذريعة والأخذ بالأحوط، حتى لا يتجرأ الناس على انتهاك حرمات الله.
أما إذا كان الشيخ أو طالب العلم مع خواصه بل خواص خواصه فلا بأس أن يبين الحكم الشرعي الذي يدين الله به.
وأخيرا، فهذه مجرد وجهة نظر أحببت أن أطرحها في ملتقاكم، فلا يجدن من لا يتفق معها في نفسه شيئا!
ـ[أسامة المصري السلفي]ــــــــ[27 - 08 - 07, 08:02 م]ـ
أخي أبو يوسف التواب
هذا ما أعنيه تماماً ...
فإنك إن جمعت الأحاديث المرفوعة في الصحيحين والسنن إلى تبيين ابن عباس رضي الله عنهما بما روي عنه، وذلك لآستحلال الصلاة والشهادة والحج ... لوجدت ما أعنيه.
وما لا يقوم الواجب إلا به، كان واجباً.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[27 - 08 - 07, 08:48 م]ـ
القول بالوجوب له وجاهته وقوته .. لكن يقابله قول آخر بأنه ليس واجباً بل مستحباً، بالذات في حق النساء.
فحوارنا هنا عن مشروعيته بغض النظر عن حكمه. فلنبقَ على الحوار داخل الموضوع بارك الله فيك.
ـ[مبارك مسعود]ــــــــ[27 - 08 - 07, 09:22 م]ـ
أتيتم بفوائد جمة فجزاكم الله خيرا
¥