بين البيت والمنبر يقول من لزم طاعة الله في هذه البقعة آلت به الطاعة إلى روضة من رياض الجنة ومن لزم عبادة الله عند المنبر سقي في الجنة من الحوض وقال عياض في تفسير قوله ومنبري على حوضي ذكر أكثر العلماء أن المراد أن هذا المنبر بعينه يعيده الله تعالى على حوضه قال وهذا هو الأظهر وقيل أن له هناك منبرا على حوضه " ().
وقال أيضاً: " قوله ومنبري قالوا المراد منبره بعينه الذي كان في الدنيا وقيل إن له هناك منبراً على حوضه يدعو الناس عليه إلى الحوض قوله روضة معناها أن ذلك الموضع بعينه ينتقل إلى الجنة فهو حقيقة أو أن العبادة فيه تؤدي إلى روضة الجنة فهو مجازٌ باعتبار المآل أي مآل العبادة فيه الجنة أو تشبيه أي هو كروضة وسمى تلك البقعة المباركة روضة لأن زوار قبره من الملائكة والإنس والجن لم يزالوا منكبين فيها على ذكر الله تعالى وقال الخطابي معناه تفضيل المدينة والترغيب في المقام بها والاستكثار من ذكر الله في مسجدها وأن من لزم الطاعة فيه آلت به إلى روضة الجنة ومن لزم العبادة عند المنبر سقي يوم القيامة من الحوض " ().
وقال أيضاً: " قوله: روضة من رياض الجنة يجوز أن يكون حقيقة وأنها تنتقل إلى الجنة أو العمل فيها موصل إلى الجنة واحتج به في المعونة على تفضيل المدينة لأنه قد علم أنه إنما خص ذلك الموضع منها بفضيلة على بقيتها فكان بأن يدل على فضلها على ما سواها أولى وقال الكرماني: روضة أي كروضة أو هو حقيقة وكذا حكم المنبر قالوا معناه من لزم العبادة فيما بينهما فله روضة منها ومن لزمها عند المنبر يشرب من الحوض " ().
وقال ابن القيم: " قوله إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا وما رياض الجنة قال حلق الذكر ومنه قوله ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة فهو روضة لأهل العلم والإيمان لما يقوم بقلوبهم من شواهد الجنة حتى كأنها لهم رأي عين وإذا قعد المنافق هناك لم يكن ذلك المكان في حقه روضة من رياض الجنة ومن هذا قوله الجنة تحت ظلال السيوف " ().
وقال ابن الحاج: " ولما أن كان تردده عليه الصلاة والسلام بين بيته ومنبره أكثر من تردده في المسجد كانت تلك البقعة الشريفة بنفسها روضة من رياض الجنة قال عليه الصلاة والسلام ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة انتهى وفي تأويل ذلك قولان للعلماء: أحدهما أن العمل فيها يحصل لصاحبه روضة في الجنة والثاني أنها بنفسها تنقل إلى الجنة وهذا هو الصحيح " ().
وقال المبارك فوري: " روضة من رياض الجنة أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل من ملازمة حلق الذكر لاسيما في عهده فيكون تشبها بغير أداة أو المعنى أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة فيكون مجازاً أو هو على ظاهره وأن المراد أنه روضة حقيقة بأن ينتقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة " ().
وإلى هنا انتهى ما أردت جمعه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،
جمعه وكتبه أبو عبد الله محمد بن محمد المصطفى
المدينة النبوية 8/ 7 / 1428 هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
الحواشي
() أخرجه البخاري رقم (1888) 2/ 26، ومسلم رقم (1390 - 1391) 2/ 1010 – 1011، والترمذي رقم (3915 - 3916) 5/ 718 – 719، والنسائي رقم (695) 2/ 35، ومالك في الموطإ 1/ 197، وعبد الرزاق رقم (5243) 3/ 182، وأحمد 2/ 236، 376، 438، 465، 533، 3/ 4، وابن حبان رقم (3750) 9/ 65، والطبراني في الكبير رقم (526) 23/ 255، وفي الأوسط رقم (98) 1/ 37، وفي الصغير رقم (1110) 2/ 249، والبزار رقم (511) 2/ 149، ورقم (1206) 4/ 44، وأبو نعيم في المسند المستخرج رقم (3210) 4/ 53، وفي الحلية 1/ 228، وأبو يعلى رقم (118) 1/ 109، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 247، وأخرجه أحمد 4/ 39 – 40 أيضاً من حديث عبد الله بن زيد.
¥