فقول القائل سموا بني حنيفة أهل الردة لأنهم لم يحملوا الزكاة إلى أبي بكر لأنهم لم يعتقدوا إمامته من أظهر الكذب والفرية وذلك قوله إن عمر أنكر قتال بني حنيفة
وأما قوله ولم يسموا من استحل دماء المسلمين ومحاربة أمير المؤمنين مرتدا مع أنهم سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم يا علي حربك حربي وسلمك سلمي ومحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم كافر بالإجماع
فيقال في الجواب أولا دعواهم أنهم سمعوا هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم أو عنه كذب عليهم فمن الذي نقل عنهم أنهم سمعوا ذلك وهذا الحديث ليس في شيء من كتب علماء الحديث
المعروفة لا روي بإسناد معروف ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله لم يجب أن يكونوا قد سمعوه فإنه لم يسمع كل منهم كل ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف إذا لم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ولا روي بلإسناد معروف بل كيف إذا علم أنه كذب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل العلم بالحديث
وعلي رضي الله عنه لم يكن قتاله يوم الجمل وصفين بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان رأياه راه
وقال أبو داوود في سننه حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الهذلي حدثنا اب علية عن يونس عن الحسن عن قيس بن عباد قال قلت لعلي رضي الله عنه أخبرنا عن مسيرك هذا أعهد عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم رأى رأيته قال ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولكنه رأى رأيته
ولو كان محارب علي محاربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مرتدا لكان علي يسير فيهم السيرة في المرتدين وقد تواتر عن علي يوم الجمل لما قاتلهم أنه لم يتبع مدبرهم ولم يجهز على جريحهم ولم يغنم لهم مالا ولا سبى
لهم ذرية وأمر مناديه ينادي في عسكره أن لا يتبع لهم مدبر ولا يجهز على جريحهم ولا تغنم أموالهم ولو كانوا عنده مرتدين لأجهز على جريحهم واتبع مدبرهم
وهذا مما أنكره الخوارج عليه وقالوا له إن كانوا مؤمنين فلا يحل قتالهم وإن كانوا كفارا فلم حرمت أموالهم ونساءهم فأرسل إليهم ابن عباس رضي الله عنهما فناظرهم وقال لهم كانت عائشة فيهم فإن قلتم إنها ليست أمنا كفرتم بكتاب الله وإن قلتم هي أمنا استحللتم وطأها كفرتم بكتاب الله
وكذلك أصحاب الجمل كان يقول فيهم إخواننا بغوا علينا طهرهم السيف
وقد نقل عنه رضي الله عنه أنه صلى على قتلى الطائفتين وسيجىء إن شاء الله بعض الاثار بذلك
وإن كان أولئك مرتدين وقد نزل الحسن عن أمر المسلمين
وسلمه إلى كافر مرتد كان المعصوم عندهم قد سلم أمر المسلمين إلى المرتدين وليس هذا من فعل المؤمنين فضلا عن المعصومين
وأيضا المرتدون منتصرين على المؤمنين دائما
والله تعالى يقول في كتابه إنا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ويقول في كتابه ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرلسني إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ويقول في كتابه ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين
وهؤلاء الرافضة الذين يدعون أنهم المؤمنون إنما لهم الذل والصغار ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس
وأيضا فإن الله تعالى يقول في كتابه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فقد جعلهم مؤمنين إخوة مع الاقتتال والبغي
وأيضا فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
تمرق مارقة علي حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق وقال إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظئمتين من المسلمين وقال لعمار تقتلك الفئة الباغية لم يقل الكافرة
وهذه الأحاديث صحيحة عند أهل العلم بالحديث وهي مروية بأسانيد متنوعة لم يأخذ بعضهم عن بعض وهذا مما يوجب العلم بمضمونها وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الطائفتين المفترقتين مسلمتان ومدح من أصلح الله به بينهما وقد أخبر أنه تمرق مارقة وأنه تقتلها أدنى الطائفتين إلي الحق
ثم يقال لهؤلاء الرافضة لو قالت لكم النواصب علي قد استحل دماء المسلمين وقاتلهم بغير أمر الله ورسوله على رياسته وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وقال
ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فيكون علي كافرا لذلك لم تكن حجتكم أقوى من حجتهم لأن الأحاديث التي احتجوا بها صحيحة
¥