[ثلاث فتاوى منهجية للشيخ محمد المنجد في التعامل مع الدعاة وأخطاءهم]
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[02 - 08 - 07, 11:09 ص]ـ
هل يبيع أشرطة لبعض الدعاة الذين يخالفون السنة أحياناً؟
سؤال:
ما حكم فتح مكتبة إسلامية لبيع الكتب والأشرطة الإسلامية والمصاحف؟ وفى حالة بيع أشرطة لبعض الشيوخ الذين يخطأ بعضهم في كثير من الأفعال والأقوال مثل عدم اللحية وطلب من العامة عدم إعفاء اللحية.
فما حكم بيع مثل هذه الأشرطة مع العلم أنها ساعدت الكثير في الالتزام؟.
الجواب:
الحمد لله
إن من محاسن أهل السنة والجماعة أن يعلمون الحق ويرحمون الخلق، فهم يحبون الكلام بعلم وعدل، ويكرهونه بظلم وجهل، لأنهم اتبعوا كتاب الله سبحانه حينما أمرهم بالقيام على الناس بالقسط والشهادة عليهم بالعلم والحق.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) النساء/135، وقال سبحانه: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) النساء/58، وقال سبحانه: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ) الأنعام/152
والنفس البشرية لا تصل إلى هذا الحد إلا حين تقوم لله متجردة من كل حظ، مستشعرة نظرة الله سبحانه إلى خفايا الضمير وذات الصدور. وفي الحديث: (وإن المقسطين على منابر من نور) رواه مسلم (2827)
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا) رواه النسائي (1305) وصححه الألباني في صحيح النسائي.
وإنك أخي السائل إذا تأملت المنهج الرباني الذي يرفع الله به الناس إلى قمة ضبط النفس والسماحة القول بالحق على النفس والوالدين والأقربين تدرك أن كثيراً من الدعاة الموجودين في ساحة الدعوة الإسلامية المعاصرة ممن لهم محاسن كثيرة وتأثير كبير في أوساط عامة الناس هم على خير فيما أحسنوا فيه، وهم فيما قصروا فيه إما مجتهدون في إصابة الحق دائرون بين الأجر والأجرين، أو مقصرون في بعض الجوانب، يُرجى – إن شاء الله – أن تطغى محاسنهم على سيئاتهم، خاصة من تأثر به الناس، واستقاموا على أيديهم، فحرمان الناس من دعوة هؤلاء مع عدم وجود البديل المؤثر منهج لا يقره الإسلام، فإن من أعظم قواعد الشريعة تقليل المفاسد وتكثير المصالح.
والمصالح التي حصلت على أيدي هؤلاء من اهتداء الشباب وتحجب الفتيات والمحافظة على الصلوات مصالح عظيمة مقصودة وكثيرة
والمفاسد التي تذكر من كون بعض الدعاة مقصِّراً في بعض الجوانب، فهذه لا يجوز أن تطغى على المصالح المذكورة، خاصة وأنها مفاسد جزئية محصورة في الشخص، وأما المصالح فهي عظيمة وكثيرة ولأمة من الناس.
ولهذا فإن بيع أشرطة هؤلاء الدعاة لا مانع منها ما دامت على منهج أهل السنة والجماعة.
ثم مَنْ أخطأ منهم في شيء فمنهج أهل السنة والجماعة هو نصحهم والاتصال بهم أو الكتابة إليهم.
ومن تأمل في الدعاة الذين يخطبون ويحاضرون ويُلقون الأحاديث المتلفزة والإذاعية وغيرها يجدهم أقساماً:
فمنهم من هو على طريقة السلف في المنهج والاعتدال والعمل، فهؤلاء يُستمع إليهم ويُحث الناس على الاستماع إليهم.
ومنهم من هو مصيب في أقواله في الجملة مع تقصير في شيء من العمل، فهذا يُستمع إليه كذلك لأن تقصيره على نفسه في الغالب.
ومنهم من يخالط صوابه أخطاء لكنه في الجملة على السنة لم يتبنّ بدعة، ولم يدعو إليها، فهذا لا ينفّر منه الناس بالكلية، ولكنه تصوَّب أقواله ويُتكلّم فيما أخطأ فيه بالعدل والإنصاف ويُثنى عليه حسناته.
ومنهم من هو صاحب بدعة أو شرك ينشرها ويدعو إليها، فهذا لا يُستمع إليه ويحذَّر منه ولا يُثنى على حسناته، لأن في ذلك تزكية له، وهو قد أتى من الكبائر بما هدم هذه الحسنات.
هذا من جهة الدعاة.
ومن جهة أخرى فإن هناك أناساً يتكلمون في الدعاة بحق. ومنهم من يتكلم بباطل.
وفي هؤلاء ظلمة مجحفون، يبدِّعون من ليس بمبتدع، وينفَّرون منه ويحذِّرون، وهم بالتحذير أولى؛ لأنهم جائرون وأهل بغي لا يُلتفت إلى تحذيراتهم لظلمهم.
ولذلك لا بد من العلم للتفريق بين المعصية والبدعة والخطأ والخلاف في أصول العقيدة.
ولنضرب بعض الأمثلة:
¥