تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما صورة الخط فلا يقال فيها: إن هذا خط فلان، بل صورة خطه، ولهذا يفرق بين الأصل والصورة، فيقال في الوثيقة: هذا أصل وهذا صورة، ولا يُعول في الإثبات على الصورة في الكثير من الأمور المهمة، بل لابُد من إحضار الأصل. والله أعلم.

وأما المسألة الثانية، وهي حكم اقتناء الصور، فقد ذهب الشيخ رحمه الله إلى تحريم اقتنائها للذكرى، وتحريم تعليقها، وقد أشار في ذلك إلى دلالة السنة على تحريم اتخاذها واقتنائها في غير ما يُمتهن.

(ج 12 ص 325)

والسنة التي أشار إليها مثل حديث عائشة رضي الله عنها في قصة القرام التي سترت به سَهْوة لها، أي فُرْجة، وكان فيه تصاوير، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم هتكه وتَلَوَّن وجهه، وقال: "إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" قالت عائشة: فجعلناه وسادة أو وسادتين. متفق عليه. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون، فيقال لهم: أحيوا ماخلقتم" ثم قال: "إن البيت الذي الصور لاتدخله الملائكة" متفق عليه.

وقد استوفى الشيخ رحمه الله ذكر الأدلة على حكم اقتناء الصور في الجواب المُطول المفصل الوارد في ج12 في الصفحات من 311 إلى 317.

وسواء عنده أكانت الصورة كاملة أم غير كاملة إذا كان الرأس موجوداً لحديث أن جبريل عليه السلام لما امتنع من دخول بيت النبي صلى الله عليه وسلم لوجود التمثال الذي بالباب، أمر أن يُقطع رأس التمثال حتى يكون كهيئة الشجرة، ونقل الشيخ رحمه الله عن الإمام أحمد قوله: "الصورة الرأس" ومثله عن ابن عباس رضي الله عنه.

وأكد الشيخ أنه لا يزول حكم الصورة حتى يبان الرأس إبانةً تامة، وكأنه يشير إلى ما يفعله المحتالون على تحليل الحرام من تصوير الجسم وتصوير الرأس فوقه مع الفصل بينهما بخط، وقد نص رحمه الله على جواز اقتناء الصورة أو ما فيه صورة مما تدعو إليها الحاجة أو الضرورة، كالصورة لإثبات الشخصية، والصور التي في النقود.

وبين رحمه الله أن ما يحرم اقتناؤه من الصور يتفاوت حكمه باعتبار مقصود مقتنيها، وباعتبار المصوَّر، كاقتناء صور العظماء وصور النساء، ولا سيما مع تعليقها أغلظ تحريماً من غيرها لما يتضمنه ذلك من المفاسد. وقد أجاد وأفاد رحمه الله في مسألة اقتناء الصور هذه، وإن كان تصويرها بالكاميرا.

ولكن هذا يُضعف ما ذهب إليه من جواز تصوير ذوات الأرواح بالكاميرا.

فإن القول بجواز التصوير بالكاميرا مع تحريم اقتناء الصورة فيه نوع تناقض.

مما يدل على أن قوله بجواز التصوير ليس هو فيه على طمأنينة.

ويؤيد ذلك أنه نص في جوابه المفصل المشار إليه على أن التصوير بالكاميرا من المتشابهات، حيث قال بعد ذكر الخلاف: "والاحتياط الامتناع من ذلك، لأنه من المتشابهات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". (ج12/ 312)

وبناءً على ما تقدم يتبين أنه لا يصح إطلاق نسبة القول بجواز التصوير بالكاميرا إلى الشيخ، فإما أن يقال: (عنه في ذلك روايتان)، أو يقال: (إن قوله بالجواز لم يكن مطمئناً إليه وإن احتج له ببعض الشبهات العقلية، فقد ذكر القولين وحجج الفريقين، ومال في أغلب أجوبته إلى القول بالجواز).

وقد اشتهر عنه القول بالجواز، وأخذ بذلك كثير من طلاب العلم وغيرهم تقليدا، كما تعلق به أصحاب الأهواء الذين لا يأخذون من أهل العلم إلا ما يوافق أهواءهم، فعمت البلوى بهذا التصوير واستباحه أكثر الناس؛ جهلاً وتقليداً وهوى، وهذا كله لا يضر الشيخ، فهو علامة مجتهد متحر ٍ للحق، فأمره دائر بين الأجر والأجرين، إن شاء الله. فإن المجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد.

والمقلدون للشيخ لم يمعنوا النظر في سائر أجوبته، لذلك لم يعرفوا حقيقة مذهبه في هذه المسألة.

وأما أصحاب الأهواء فلا يعنيهم التحقق من مذهب العالم وفتواه، بل يكفيهم أن يظفروا منه بما يوافق مرادهم ويصلح للتشبث به لترويح باطلهم

وفي كلام العلماء ما يعد من المتشابه الذي يجب رده إلى الواضح من كلامهم، وسبيل أهل الزيغ اتباع المتشابه من كل كلام، كما قال تعالى "فَأما الّذين فِي قُلُوبهمْ زيْغ فَيَتّبعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتغاءَ تَأوِيلِه" وهذا منشأ ضلال فرق الضلال من هذه الأمة، فنعوذ بالله من سبيل الغي والضلال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير