تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكاية ولهان مع وردة الريحان.]

ـ[حسن شريف]ــــــــ[06 - 08 - 07, 05:48 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين و صلى الله وسلم و بارك على عبده و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين و بعد:

فهذه نفحات و عطرات وخطرات و ومضات من حدائق النوار أهديها للزوار، حتى يتفيؤوا من ظلالها و يرتووا من مائها تذكيرا للبعيد الناسي و وتنبيها للقريب القاسي عن قصة طريفة و حكاية ظريفة بين محب الأنوار و سيدة النوار في حائط القلب و الروح عند موقع الجروح، سميت هذا البديع المسلسل و الغدير المهلهل بـ: " حكاية ولهان مع وردة الريحان " أرمي من ورائها إلى التذكير و التنبيه عن علاقات المحبين و مجرى المتيمين، حتى أشق من لظى عرقها حقيقة الغرام بين الحل و الحرام و من هو فيه من أهل الإخلاص الكرام ممن هو له خائن من أهل الإجرام، فاسمع لما أقول و انتبه لما أصول فيه و أجول، وأقول في أول الأمور معتمد على العزيز الغفور:

" ألزم رب الأزمان و خالق السماوات الحسان خلقه من الإنس و الجان بتوحيده و عبادته و تقديسه و إلهته، خوفا من نيرانه و طمعا في إحسانه و جنانه حتى يصطفي من ذلكم الجمع الغفير و النفر الكثير أحبابه وجيرانه من أعداءه و و خسرانه ممن أطاعوا الرسول و اتبعوه وحاربوا أعداءه و نصروه فكان هدا الجزاء لعباده الأوفياء حق من عنده و فضلا من جوده يتمتع به الأبرار في دار المستقر و القرار.

و لكن مما كتب الله تعالى على هذه القلوب الواهية و المضغ الباليه أن تمل لوحدها و تكل بمفردها، و الروح مادة غيبية و تركيبة ربانية لا يعرف كنهها و حقيقتها إلا خالقها، قدر لهذه الأجساد الخسيسة أن لا ترضى إلى بأنيس أو أنيسة ممن يعين على الطلب و يحذر من العطب لكونها ضعيفة المحمل كثيرة المشرب والمأكل، تريد أن تقاسم أمرها و تفرق أنسها بين محب و محبة، فهنا جعل الصمد العلي الأحد خلقا صورته نضرة و ريحته عطرة وسماه بمنه و كرمه الحب.

فتسلى الخلق بهذا المولود العطر و الجديد النضر و أخدوا يتعلمون من احكامه و يسمعون من قيله و قاله فتشبثوا به ايما تشبث و مكثوا معه اينما تلبث فأرادوه صديقا حميما و ثيقا لا ينفك عنهم و لا يزول و لا يغادر مرتع النزول، حتى يتحلو بحلاه و يتجملوا بمناه.

و لكن الحب خاف على نفسه الرياء وأن ينازع خالقه الكبرياء، لان الناس قد تشبثوا به كثيرا و تحببوا اليه و جعلوه نصيرا،و الحب يعرف حقيقة الوجود و لما هو في الوجود، و عرف أنه إن شارك خالقه في العبادة فثم الطامة و الابادة و عندها لا ينفع مال و لا سيادة، فحذر الخلان و نبههم مع مرور الازمان أنه يحمل من العلم الكافي و الكلام الوافي ما يشفي عقول المجانين و يجن لباب المتعلمين و يطوع رقاب السلاطين، فحذرهم من علمه الذي لا ينفع ووبخ من عرف ولم يسمع.

فما طفقت الايام و الليالي الا و الناس على مناخرها تقع حتى صار حب هذا المخلوق أكثر من حب رب المخلوق، فوقع الناس في المغريات و طغت عليهم الملهيات لأنهم أخدوا من علم الحب ما لا ينفع و تركوا الذي من الشر يدفع، فمالوا مع كل كبيرة و نالوا بلايا كثيرة ووقع الحرام و ظهر هناك اهل القوام من أهل الشرك اللئام.

فعندها اختبأ الحب في حديقة رقراقة ذات أشجار براقة، فيها من كل الفواكه الحسان، و أنواع الثمار من مختلف الألوان، و دعا ربه هنا ك بدعوة رضية صادقة مرضية أن يصيره الله تعالى وردة جميلة و نوارة جليلة، فصار الحب ريحانا و اختفى في الحديقة أزمانا.

ومرت الايام وكبر الصغير الولهان و كان ممن يحسن مداواة الجروح الواقعة في القلب و الروح، و كان يستعين في دوائه لعلاج أدعيائه بالحشاوش والثمار ومختلف أنواع الأزهار، فقرأ يوما في كتاب لعتيق حذر من أمر لصيق تكلم عن مادة روحية ذي خلقة إلهية تتسلط على القلوب فتغطيها باللغوب فمن جرى معها المجاري أودعته الهوالك و من أحجم دونها المحا جم نال شرف الممالك، فتمعن في اسمه و تصفح رسمه فعرف أنه الحب وقرأ أنه مختف في حديقة رقراقة ذات أشجار براقة، فعرف الولهان مكانه و أسرع من أوانه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير