تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والخلاف إنّما يدور حول جماعة فريضة ثانية، ولهذا فإنّ الاستدلال بحديث أبي سعيد على موضع النزاع غير صحيح، والّذي يؤكّد هذا أنّ الحديث يقول: "ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه"، وهذه الحادثة –الّتي وقعت- فيها متصدِّق، وفيها متصدَّقٌ عليه، فلو سألنا أقلّ الناس فهمًا وعلمًا: مَن المتصدِّق؟ ومَن المتصدَّق عليه؟ سيكون الجواب: المتصدِّق هو المتنفّل الّذي صلّى الفريضة وراء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والمتصدَّق عليه هو الّذي جاء متأخّرًا.

السؤال نفسه إذا طرحناه في الجماعة الّتي هي موضع النزاع: دخل ستّة أو سبعة المسجد، فوجدوا الإمام قد صلّى فأمّهم أحدهم وصلّى بهم جماعة ثانية، فمَن هو المتصدِّق من هؤلاء، ومن هو المتصدَّق عليه؟ لا أحد يستطيع أن يقول كما استطاع أن يقول في الصورة الأولى، فهذه الجماعة الّتي دخلت بعد صلاة الإمام كلّهم يصلّي فرض الوقت، ليس هناك متصدِّق ولا متصدَّق عليه، وسرّ هذا واضح في الصورة الأولى: المتصدّق هو الرجل المتنفّل الّذي صلّى وراء الرسول صلّى الله عليه وسلّم وكتبت صلاته بسبع وعشرين درجة، فهو إذن غنيّ وبإمكانه أن يتصدّق على غيره، والّذي صلّى إمامًا –ولولا ذلك المتصدِّق عليه لصلّى وحيدًا- فقير، وهو بحاجة إلى من يتصدّق عليه؛ لأنّه لم يكتسب ما اكتسب المتصدِّق عليه.

وواضح سبب كون هذا متصدِّقًا وهذا متصدَّقًا عليه، أمّا في صورة النزاع فالصورة غير واضحة؛ لأنّهم كلّهم فقراء، كلّهم فاتتهم فضيلة الجماعة الأولى فلا ينطبق قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "ألا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه"، فعلى مثل هذه الحالة لا يصحّ الاستدلال بهذه الحادثة، ولا على هذه المسألة الّتي هي موضع البحث.

ونضمّ جهة أخرى من استدلالهم هي قوله عليه الصلاة والسلام: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة"، فاستدلّوا بإطلاق؛ أي أنّهم فهموا أنّ (أل) في كلمة (الجماعة) للشمول؛ أي أنّ كلّ صلاة جماعة في المسجد تفضل صلاة الفذّ، ونحن نقول بناءً على الأدلّة السابقة: إنّ (أل) هذه ليست للشمول، وإنّما هي للعهد، أي أنّ صلاة الجماعة الّتي شرعها الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وحضّ الناس عليها، وأمر الناس بها، وهدّد المتخلّفين عنها بحرق بيوتهم، ووصف من تخلّف عنها بأنّه من المنافقين –هي صلاة الجماعة الّتي تَفْضُلُ صلاة الفذّ، وهي الجماعة الأولى، والله تعالى أعلم.

[مجلّة الأصالة: السنة: الثالثة، (15 - رجب- 1415)، (العدد13 - 14)، الصفحة (95 - 101)]

منقول

ـ[خالد المرسى]ــــــــ[12 - 08 - 07, 04:04 م]ـ

جزاك الله خيرا وما زال السؤال قائمااما سؤالى ليس فى الجماعة الثانية ولكن فى تعدد الجماعات فى وقت واحد بعد انتهاء الجماعة الاصلية

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير