عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه). رواه الترمذي (2417) وقال: حسن صحيح، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (126).
وليُعلم بعد هذا: أن شراء أرقام هواتف الجوالات المميزة بآلاف الدنانير والريالات نوع من الإسراف أو التبذير أومن الإنفاق في الحرام، وأن الله تعالى سائل كل واحد من هؤلاء عن ماله هذا الذي أنفقه في مثل هذه المجالات.
وبخاصة أننا نرى المسلمين في أكثر بقاع الأرض في بأس وضنك في حياتهم ومعيشتهم، وأن بعضهم لا يجد لقمة يسد بها جوعه، وآخرين لا يجدون لباساً يواري سوآتهم، وآخرين لا يجدون سكناً يؤويهم، بل قد هدِّمت بيوت بعضهم فوق رؤوسهم. وفي هذا الوقت العصيب نجد من المسلمين من اشترى رقماً منها بما يعادل (360 ألف دولاراً)! وقد انتشرت هذه الحمى في بلدان متعددة كان الأولى أن ينتشر فيه مساعدة المسلمين وحفظ الأموال من السفه والإسراف والتبذير.
والملاحظ أن الذي يدفع هؤلاء إلى مثل هذا الشراء أمور منكرة كالكبر والتعالي والتفاخر على غيرهم،و الرقم المتميز لا يعني تميز صاحبه أو يعتبر تميزاً له بالسذاجة والاهتمام بتوافه الأمور، والرقم المتميز ليس هو تقنية - كما في السيارات نفسها -يبحث عنها الإنسان لما فيها من راحة أو سرعة أو أمان، والرقم المتميز ليس هو تمتع بالنظر إليه - كبعض الطيور - بل هو تعالٍ وتفاخر وتبذير للأموال.
ولو كان الرقم المميز في رقم هاتف لشركة تجارية - مثلاً – أو دائرة مهمة يحتاجها الناس أو ما شابه ذلك لكان لشرائه وجه على أن لا يبلغ سعره ما ذكرناه.وشراء الرقم المتميز يشبه إلى حد بعيد ما جاء النهي عنه من لبس ثوب الشهرة.
" من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله - وفي لفظ:" ثوب مذلة " - " زاد بعض الرواة:" ثم تلهب فيه النار ". رواه أبو داود (4029) وابن ماجه (3607).
قال ابن القيم:هذا لأنه قصد به الاختيال والفخر، فعاقبه الله بنقيض ذلك،فأذله، كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. " زاد المعاد " (1/ 145، 146).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:وتكره الشهرة من الثياب، وهو المترفع الخارج عن العادة،والمتخفض الخارج عن العادة؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين: المترفع والمتخفض،وفى الحديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة "، وخيار الأمور أوساطها. " مجموع الفتاوى " (22/ 138).
والخلاصة: أنه لا يجوز بيع وشراء هذه الأرقام المميزة، ولو جاز لبعض الناس ما جاز لهم أن يبذلوا فيها هذه الأموال الطائلة.
والواجب على من وهبه الله المال أن يشكر هذه النعمة ويحافظ عليه، وأن لا ينفقه فيما يبغض الله تعالى أو فيما لا طائل وراءه، وليعلم أنه مسئول عن هذا المال يوم القيامة: من أين اكتسبه وفيم أنفقه.والله الموفق.
س: هل يجوز شراء بطاقات شحن الجوال عليها صور نساء، فهل المال العائد من ذلك حلال؟
ج: لا يجوز للشركات المنتجة لبطاقات شحن الجوالات وغيرها أن يضعوا صور نساء عليها، ولا يجوز للمطابع أن تطبع هذه البطاقات؛ لما في هذه الصور من امتهان للمرأة وجعلها سلعة ترويجية؛ ولما فيها من فتنة للشباب بإثارتهم وتهييجهم على الفاحشة.
وأما بالنسبة لمن يشتري هذه البطاقات ليبيعها: فإن كانت الصورة مقصودة للمشتري، فيحتفظ بها، فلا يجوز شراؤها ولا بيعها، وإن لم تكن الصور مقصودة، ومصير هذه البطاقة المهانة والرمي في سلة المهملات: فيجوز له شراؤها وبيعها.والغالب أن هذه البطاقات تشترى من أجل الاتصال، لا من أجل ما عليها من صور. وإن استطاع طمس الصورة أو إزالتها دون تأثير على بيعها فليفعل، وإن وَجد غيرها من البطاقات تخلو من الصور فينبغي أن لا يعدل عنها لشراء الأولى، بل يمتنع - هو وغيره - عن شرائها، ولعله في التضييق عليهم بعدم الشراء أن يكفوا عن وضع صور النساء على هذه البطاقات. والله أعلى وأعلم
س: ما حكم بيع جوالات الكاميرا والبلوتوث؟
¥