تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أوقات النهي]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[13 - 08 - 07, 12:25 ص]ـ

] [] [أوقات النهي] [] [

التطوع في اصطلاح الفقهاء: يُراد به كُلُّ طاعةٍ ليست بواجبة.

ومِنْ حِكمةِ الله ورحمتِهِ بعبادِه أَنْ شَرَعَ لكلِّ فَرْضٍ تطوُّعاً من جنسه ليزداد المؤمن إيماناً بفعل هذا التَّطوُّع ولتكمُلَ به الفرائض يوم القيامة، فإنَّ الفرائضَ يعتريها النَّقصُ فتكمُلُ بهذه التَّطوُّعاتِ التي مِنْ جنسها، فالوُضُوء: واجبٌ وتطوُّعٌ، والصَّلاةُ: واجبٌ وتطوُّعٌ، والصَّدقة: واجبٌ وتطوُّعٌ، والصيام: واجبٌ وتطوُّعٌ، والحَجُّ: واجبٌ وتطوُّعٌ، والجهاد: واجبٌ وتطوُّعٌ، والعِلْمُ: واجبٌ وتطوُّعٌ، وهكذا.

والأصل: أنَّ صلاة التطوُّعِ مشروعةٌ دائماً لعموم قول الله تعالى: ** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج:77) وعمومِ قولِ النبي صلى الله عليه وسلم للرَّجُل الذي قضى له حاجة وذلك كما جاء في حديث ربيعة بن كعب قال: «كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: سل، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة؟ قال أو غير ذلك؟ قلت هو ذاك. قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود» رواه مسلم، وعلى هذا فالأصلُ في صلاةِ التطوُّعِ أنَّها مشروعةٌ كُلَّ وقتٍ للحاضر والمسافر.

أوقات نهى الشَّارعُ عن الصلاة فيها

• الوقت الأول: من صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح؛ يعني: قَدْرَ متر تقريباً في رأي العين، ويُقدَّرُ بالنسبة للساعات باثنتي عشرة دقيقةً إلى عشرِ دقائقَ، ولكن الاحتياطُ أن يزيدَ إلى رُبعِ ساعة، فنقول بعد طُلوع الشَّمس برُبعِ ساعة ينتهي وقتُ النَّهي، والدليل حديث أبي سعيد مرفوعا "لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس" (متفق عليه)، والمعتبر بصلاة الفجر صلاة كل إنسان بنفسه فلو فرض أن الناس صلوا صلاة الفجر وأنت لم تصل فإن وقت النهي في حقك لم يدخل، ولو فرض أنك صليت قبل الناس فإن وقت النهي في حقك دخل، وإن لم يصل الناس.

• الوقت الثاني: حين يقوم قائم الظهيرة إلى أن تزول الشمس، وذلك في منتصف النهار قبل زوال الشمس بنحو عشر دقائق أو قريباً منها، ودليل ذلك: حديث عُقبة بنِ عامرٍ قال: «ثلاثُ ساعاتٍ نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ نُصلِّيَ فيهنَّ، وأنْ نقبُرَ فيهنَّ موتانا، حين تطلعَ الشمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقوم قائمُ الظَّهيرة، وحين تضَيفُ الشَّمسُ للغروب حتى تغربَ». (رواه مسلم) والشاهد: قوله صلى الله عليه وسلم: «نهانا أن نصلِّيَ فيهنَّ».

• الوقت الثالث: من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، والمعتبر صلاة كل إنسان بنفسه، فإذا صلى الإنسان العصر حرمت عليه الصلاة حتى تغرب الشمس، عن قتادة قال أخبرنا أبو العالية عن بن عباس قال سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وكان من أحبهم إلي? أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس" رواه الترمذي حديث صحيح.

• مسألة: ما الحكمةُ مِن النَّهي عن الصلاة في هذه الأوقات؟

الجواب مِن وجهين:

أولاً: يجب أن نعلمَ أنَّ ما أمرَ اللهُ به ورسولُه، أو نهى اللهُ عنه ورسولُه فهو الحكمة، فعلينا أن نسَلِّمَ ونقول إذا سَأَلَنَا أَحدٌ عن الحكمة في أمْرٍ مِن الأمور: إن الحكمة أمرُ اللهِ ورسولِهِ في المأمورات، ونهيُ اللهِ ورسولِهِ في المنهيَّات، ودليل ذلك: مِن القرآن قوله تعالى: **) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (الأحزاب: من الآية36) وسُئلت عائشةُ: ما بَالُ الحائضِ تقضي الصَّومَ ولا تقضي الصَّلاةَ؟ فقالت: «كان يصيبنا ذلك فنؤمرُ بقضاء الصَّوم ولا نؤمر بقضاء الصَّلاةَ»، فاستدلَّت بالسُّنَّةِ ولم تذكرْ العِلَّةَ، وهذا هو حقيقة التسليم والعبادة؛ أن تكونَ مسلِّماً لأمرِ اللهِ ورسولِهِ عرفتَ حكمته أم لم تعرف، ولو كان الإنسان لا يؤمن بالشيء حتى يعرف حكمته؛ لقلنا: إنك ممن اتَّبعَ هواه، فلا تمتثل إلا حيث ظهرَ لك أنَّ الامتثال خير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير