تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا تقرر عند المحدثين أن الحديث يحكم له بالصحة إذا تلقاه الناس بالقبول وعملوا به وإن لم يكن له إسناد صحيح ([3])،وعند ذلك فلا يبحث عن إسناده، ويجب العمل به، وكم من حديث عمل به تحت القاعدة المذكورة، فما بالك بالأحاديث التي ذُكرَ – وهو الحق – أنها أصح الصحيح.

فصل

وعليه فالنظر في أسانيد أحاديث الصحيحين مجتمعين أو منفردين خطأ وبيان ذلك من وجوه:

الأول: النظر في أسانيدهما طعن في الأمة التي تلقت أحاديثهما بالقبول.

الثاني: وهو مخالف للإجماع الذي نقله جماعة من الحفاظ وغيرهم.

الثالث: النظر في أسانيدهما فيه تهوين لأمرهما،لأنه كما هو معلوم أن السند الذي ينظر فيه هو السند المحتمل للصحة أو الحسن أو الضعف بأنواعه فدل الألباني بتعديه أنه لا يعتبر أحاديث صحيح مسلم صحيحة كلها، بل كل سند فيه يقبل الأخذ والرد ويمكن أن يصحح أو يضعف حسبما يرى، وهذا بلا شك تهوين عظيم لأمر صحيح مسلم.

وقال علامة الهند ولي الله الدهلوي: ((أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأنه كل من يهون من أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين)).اهـ. (حجة الله البالغة 1/ 283).

ومثله في الحطة [ص 55] للسيد صديق حسن خان القنوجي، وفي مقدمة السراج الوهاج [ص 19].

الرابع: إن هذا العمل يفتح علينا باباً عظيماً قد يصعب سده فيخرج علينا بعض الناس ويتبع طريقة الألباني المردودة في النظر في أسانيد الصحيحين بدعوى الاجتهاد وترك التقليد واتباع السنة الصحيحة، والبعض الآخر قد يدخل هذا الباب بدعوى نصرة مذهبه، والبعض الآخر يدخل بنية أخرى ... وهكذا.

وعند ذلك يكثر منهم ظهور الجهل الفاضح والأوهام والأخطاء وتحدث فوضى عظيمة قد يصعب السيطرة عليها.فهو بعمله هذا لا يدري أنه يهاجم السنة بمعول قوي ويفتح باباً لأعداء السنة للهجوم على أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى.

ـ[عبد الله]ــــــــ[19 - 01 - 03, 05:28 ص]ـ

فصل

والناظر في أسانيد الصحيحين أبان عن جهل فاضح. لأن صاحب الصحيح لم يودع في كتابه كل ما وقف عليه من طرق الحديث،بل إنه انتقى من محفوظاته بعض طرق الحديث التي أدخلها في الصحيح.

فيأتي هذا الناظر المتعدي ويقول: هذا الحديث ضعيف لأن فيه مدلساً لم يُصرح بالسماع،أو في سنده فلانا فهو ضعيف،ويظهر بذلك جهله، لأن صاحب الصحيح قد يخرج الطريق المتكلم فيه لحاجة عنده، لكنه صحيح لديه، أو قد يعرض عن بيان سماع المدلس مكتفياً بسماعه عنده في طريق آخر.

وقد نص الحفاظ على ذلك:

1. قال الحافظ المتقن أبو بكر الحازمي (وقد يكون الحديث عند البخاري ثابتاً وله طرق أخرى بعضها أرفع من بعض،غير أنه يحيد أحياناً عن الطريق الأصح لنزوله، أو يسأم تكرار الطرق إلى غير ذلك من الأعذار،وقد صرح مسلم بنحو ذلك)) [شروط الأئمة ص60].

2. أما تصريح مسلم بذلك فإنه قال:"إنما أدخلت من حديث أسباط بن نصر، وقطن وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم،إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع ويكون عندي من رواية [من هو] أوثق منهم بنزول، فاقتصر على ذلك،وأصل الحديث معروف من رواية الثقات"اهـ. ([4]).

3. وأشار إلى ذلك الحافظ ابن الصلاح في مقدمته [ص 26] والنووي في مقدمته لشرح صحيح مسلم [1/ 15]،وابن رجب الحنبلي في شرح العلل [ص 479].

4. ولابن حبان كلمة غالية تمثل عمل المحدثين في ذلك الباب، وهي قاصمة لكل من يتقول و يتدخل وينظر في أسانيد الصحيح.

قال الإمام الحافظ ابن حبان في مقدمة صحيحه [1/ 123]:"فإذا صح عندي خبر من رواية مدلس أنه بين السماع في خبره بعد صحته عندي من طريق آخر " ([5]) انتهى كلام ابن حبان جزاه الله خيراً ورحمه.

فصل

اشتهر عن الإمام النووي رحمه الله تعالى أنه خالف ابن الصلاح في مسألة إفادة أحاديث الصحيحين للعلم،وخلافه محصور في إفادة حديث الصحيحين أو أحدهما للعلم فقط.فهو يرى صحة أحاديثهما، وأن النظر في أسانيدهما ممنوع،وأن الأمة تلقت أحاديثهما بالقبول، فقال في شرح مسلم [1/ 20]:" أحاديث الصحيحين التي ليست متواترة إنما تفيد الظن على ما تقرر، ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك،وتلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما، وهذا متفق عليه ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير