تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلعل هذا هو بعض مصنف النسائي في المدلسين، ويؤيده أن للنسائي مصنفات لا تزيد عن ورقتين أو ثلاث ([11]) وإبهام النسائي لسبب رمي أبي الزبير بالتدليس لا يقاوم ما يرجح عدم تدليسه والذي سأذكره قريباً إن شاء الله تعالى، فيبقى أبو الزبير على البراءة الأصلية.

فائدتان:

الأولى: قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ [2/ 127] في ترجمة أبي الزبير المكي:"وحديثه عن عائشة في صحيح مسلم وما أراه لقيها".اهـ.

قال العبد الضعيف: وهذا انتقال ذهن أو سبق قلم من الذهبي رحمه الله تعالى، فقد فتشت عن عائشة في مسلم فلم أجدها. وكما في تحفة الأشراف للمزي [12/ 300] لم يرو عنها في الكتب الستة إلا حديثاً واحداً مقرونة بابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"آخر طواف يوم النحر إلى الليل ".

علقه البخاري [الفتح 3/ 567]،ووصله أبو داود [2/ 280]،والترمذي [تحفة 3/ 668] وقال حسن، والنسائي في الكبرى، وابن ماجه [2/ 1017].ولم يتعقب الحافظ ابن حجر العسقلاني في النكت الظراف الحافظ المزي بشيء، فهو موافق له.

وقال الذهبي أيضاً في الميزان [4/ 37]:"روايته عن عائشة وابن عباس في الكتب الستة إلا البخاري".اهـ.

قلت: أما روايته عن أم المؤمنين في مسلم فتقدم الكلام عليها. وأما روايته عن ابن عباس في مسلم فهذا لم يقع في مسلم خلافاً للذهبي، بل علق له البخاري الحديث المذكور، وروى له ابن ماجه حديثاً آخر فقط، وانظر تحفة الأشراف [5/ 236 - 237].

الثانية: قال الذهبي في الميزان [4/ 37]:"وروايته عن ابن عمر في مسلم".اهـ. وقد أدرج عبارته وسط من اختلف في سماعه منهم،فلعل عبارته تشعر بعدم سماعه من ابن عمر.

فأقول وبالله التوفيق::سمع أبو الزبير من ابن عمر في صحيح مسلم وخارجه. أما في الصحيح فقال مسلم [3/ 1584]:"حدثني محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع ابن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ينهى عن الجر والدباء، والمزفت".اهـ.

وخارج مسلم كثير منه ما رواه علي بن الجعد [ل/335]:"أنا زهير عن أبي الزبير قال: رأيت ابن عمر اكتوى في أصل أذنه من اللقوة "وبه: [ل/336]:"عن أبي الزبير سمعت رجلاً يسأل ابن عمر عن المسح على الخفين فأمره أن يمسح".وسندهما صحيح.

وفي جزء أحاديث أبي الزبير عن غير جابر للحافظ أبي الشيخ الأصبهاني [ل/2] ثلاثة أحاديث صرح فيها أبو الزبير بالسماع من ابن عمر،والله اعلم.

فصل

ويؤيد ما سبق من نفي دعوى تدليس أبي الزبير عدة أمور:

الأول: موقف شعبة ابن الحجاج بن أبي الزبير المكي.

1ـــ كان شعبة يحرم التدليس جداً ويقول: التدليس أخو الكذب،ويقول: التدليس في الحديث أشد من الزنا، ولئن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس ... ونحو ذلك من الألفاظ التي رواها عنه أبي حاتم الرازي في تقدمة الجرح [ص 38/ 173]،وابن عدي في الكامل [1/ 47]،وأبو نعيم في الحلية [7/ 153] وغيرهم.

2ـــ وبسبب تحريمه للتدليس كان يتشدد في الرواية، فيقول: كل كلام ليس فيه سمعت فهو خل وبقل [الحلية 7/ 149]،ولم يكن رحمه الله تعالى وهو ممن أقامهم الله تعالى لحفظ دينه يخالف فعله قوله، فتجده يقول: ما سمعت من رجل حديثاً حتى قال للذي فوقه سمعته منه إلا حديثاً واحداً. اهـ. [الحلية 7/ 151].ولذلك كان كثيراً ما يسأل مشايخه ويراجعهم ليستوثق من كلامهم، وكان لا يرضي أن يسمع الحديث عشرين مرة [تذكرة الحفاظ 1/ 194].وقد عقد ابن أبي حاتم فصلاً في ترجمة شعبة بن الحجاج في تقدمة الجرح والتعديل [1/ 163] ذكر فيه بعض أخباره في هذا الباب.

واكتفي هنا بذكر مثال واحد لم يذكره ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل،قال أبو داود الطيالسي:حدثنا شعبة عن عمرو عن جابر قال:" كنا نعزل على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم قال والقرآن ينزل.فقلت – أي شعبة- أنت سمعته من جابر؟ قال:لا. [منحة المعبود 1/ 312].

فانظر ليقظة شعبة وعدم استسلامه لما يسمع وإن كان من أمثال عمرو بن دينار،ولذلك قال الحافظ في الفتح [1/ 120] شعبة لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم". اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير