تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3ـــ أكثر شعبة ([12]) من الأخذ عن أبي الزبير،فعدد أحاديث شعبة عن أبي الزبير عن جابر أربعمائة حديث كما في الضعفاء للعقيلي [4/ 131] والميزان [4/ 40].وهذه الأحاديث سمعها أبو الزبير من جابر بلا شك،لما مر ذكره من تشدد شعبة،وقول الحافظ:" شعبة لا يحتمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم ".

ويقول الحافظ أيضاً في النكت على ابن الصلاح [2/ 630]:" المعروف عنه – أي شعبة – أنه كان لا يحمل عن شيوخه المعروفين بالتدليس إلاّ ما سمعوه ".اهـ.

ويؤيد ذلك قول الساجي:" وبلغني عن يحيى ابن معين أنه قال:استحلف شعبة أبا الزبير بين الركن والمقام إنك سمعت هذه الأحاديث من جابر؟ فقال:إني سمعتها من جابر يقول ثلاثاً ".اهـ. [التهذيب 9/ 443].

وما رواه الساجي – وإن كان بلاغاً- لكن الواقع يؤيده،فإن شعبة كان يذم التدليس جداً، ويتعرف على حديث مشايخه الخالي عن التدليس كما مر،فغير بعيد أن يستحلف أبا الزبير ليطمئن قلبه.ولا يقال إن استحلاف شعبة لأبي الزبير وكذا سؤال اللّيث لأبي الزبير ونحوه سؤال زهير بن معاوية له [تحفة الأحوذي 8/ 201، الجعديات ل 336] مُشعِر بتدليسه. لا يقال ذلك لأن هذه عادة في السلف، كانوا يسألون ويستحلفون الرواة، والأمر في ذلك معروف وانظر تذكرة الحفاظ [1/ 6،10] لترى بعض الأمثلة.

ولعل الأربعمائة حديث هي كل حديث أبي الزبير عن جابر أو غالبه، فله عن جابر في تحفة الأشراف [3/ 285ـ 356] ثلاثمائة وستون حديثاً فقط، فتأمل هذا جيداً.

4ـــ عندما انحرف شعبة عن أبي الزبير جرحه بجروح مختلفة ([13]) فقال مرة: لا يحسن الصلاة، وقال: كان يسترجع في الميزان، وذكر أنه افترى على رجل مسلم. وبسبب ذلك لم يحدث شعبة عن أبي الزبير إلا نادراً. لكن شعبة – الذي ساوى بين التدليس والزنا – لم يصرح بأن أبا الزبير كان مدلساً ولو بإشارة. وشعبة يعرف أن بيان تدليس أبي الزبير –إن صح- يجب عليه أن يبينه نصيحة واجبة منه للمسلمين، ولكنه لم يشر بكلمة واحدة صريحة أو غير صريحة إلى تدليس أبي الزبير، مما يدل على أن أبا الزبير لم يكن مدلساً ومن باب أولى لم يشتهر به.

5ـــ وقول وفعل شعبة يقدم عند التعارض مع قول وفعل الآخرين لأنه أجلّ وأقدم وتشدده في هذا الباب مشهور بالإضافة إلى تعاصره مع أبي الزبير وأخذه عنه، وقول المعاصر مقدم على قول غيره والله أعلم.

الثاني: مما يؤيد القول بعدم تدليس أبي الزبير هو أن من كتب في الرجال من المتقدمين وهم أصحاب الأصول التي يعتمد عليها لم يذكروا أبا الزبير بالتدليس.

1ـــ علي ابن المديني وثقه في سؤالات ابن أبي شيبة ولم يذكره بتدليس [ص 38/ 87].

2ـــ أحمد ابن حنبل ذكره في العلل [1/ 83] ولم يذكر ما يدل على تدليسه.

3ـــ يحي بن معين ذكره في التاريخ [3/ 89]،وفي رواية الدارمي [رقم 749] ووثقه ولم يذكره بتدليس.

4ـــ البخاري ذكره في تاريخه الكبير [1/ 1/221] ولم يذكر انه مدلس.

5ـــ مسلم ذكره في الكنى [رقم 410] ([14]) ولم يذكره بتدليس.

6ـــ وذكره العجلي في ثقاته ووثقه [ص 38/ 413] ولم يذكره بتدليس.

7ـــ وابن سعد ترجمه في الطبقات [5/ 481] ولم يذكر أنه مدلس.

8ـــ ابن أبي حاتم ترجمه ترجمة موسعة في الجرح [5/ 1/74] ولم يذكر ما رمي به من تدليس ولو بأدنى إشارة، رغم أنه كاد أن يستوعب أقوال المتقدمين عنه في أبي الزبير.

9ـــ والدولابي ذكر توثيقه في الكنى [1/ 184] ولم يذكره بتدليس.

10ـــ وابن حبان أثنى عليه في ثقاته [5/ 351] ولم يشر إلى أنه مدلس وعادة ابن حبان أن يذكر الجرح لأدنى شبهة.

11ـــ وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث [ص 111]: " أهل الحجاز والحرمين ومصر والعوالي ليس التدليس من مذهبهم ".اهـ.

وذكر حديثاً فيه أبو الزبير المكي فقال: " وفيه رجال غير معروفين بالتدليس ".اهـ. [طبقات المدلسين ص 45].

12 - وابن عدي جمع في كامله [6/ 2137] غالب ما تفرق ولم يصرح بتدليسه، ولم ينقل ذلك عمن تقدم ولو بإشارة، وعادته أن يختم ترجمته بكلمة تدل على رأيه في المترجم فقال:" ولا أعلم أحداً من الثقات تخلف عن أبي الزبير إلا وقد كتب عنه، وهو في نفسه ثقة،إلا أنه يروي عن بعض الضعفاء فيكون الضعف من جهتهم ".اهـ.

فأين التدليس الذي رمي به أبو الزبير بل وقيل أنه مشهور به؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير