[لماذا نعاقب بالذل ونحن مسلمون وهم كفار أليس فينا واحد مستجاب الدعاء؟]
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[21 - 08 - 07, 04:39 ص]ـ
السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله
سألني أحد أقاربي الكبار , انه غير مقتنع أبدا أن ما يحدث لنا عقاب من الله اذ ان المسلم مهما كان أفضل من الكافر فكيف يسلط عليه الكافر؟ و يعلو الكافر و يذل المسلمون؟
و أيضا سألني ألا يوجد في المليار مسلم من يستجيب الله له؟
أرجو أن تبسط لنا الاجابة يا شيخ
جزاك الله خيرا
*********************
جواب الشيخ:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قل له أليس ولدك أحب إليك من ولد الناس.
إذن لماذا تعاقب ولدك إذا أخطأ
سيقول لك لكي أجعله يشعربعاقبة الذنب فيعود ويصحح مساره.
فكذلك الله تعالى إذا عاقب المسلم فقد يعاقبه لكي يذّكر، كما قال تعالى (ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون) ـ
وقد يترك الله تعالى الكافر دون عقوبة في الدنيا، لان هذا الترك نفسه عقوبة، كما قال تعالى " ولايحسبن الذين الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين " ـ
ومعنى نملي، أي نتركهم بلا عقوبة
كما يترك المعلم تلميذا قد غضب عليه غضبا شديدا، يتركه بلاعقوبة على انخفاض معدله مثلا، حتى يرسب، فقد يظن الناس أنه ترك عقوبته لرضاه عنه، بينما هو قد أراد بذلك ان يزيد في عقوبته.
ثم إن الله تعالى تارة يظهر عاقبة الذنوب للذكرى، ويخفيها تارة للامتحان.
يظهر عاقبة الذنب ليذكر الناس الذين تنفعهم الذكرى، ويخفيها أحيانا فنرى بعض الناس مرتكسا في الذنوب ولاتبدو عليه عاقبتها الظاهرة في الدنيا حتى يفضي إلى عذاب الله في الآخرة، وذلك أعني إخفاء آثار الذنب الظاهرة في الدنيا، يكون من الله تعالى للإمتحان.
ذلك أنه لو أظهر الله عقوبة كل ذنب بعده مباشرة، لبطل الايمان بالغيب الذي عليه يدور امتحان الله تعالى العباد في الدنيا.
وأما متى يظهر الله تعالى أثر الذنب، ومتى يخفيه، فالله تعالى يفعل ذلك كله لحكم يعلمها هو، ونجهلها نحن، فلا يجوز لنا أن نحكم على ربنا، قائلين: لماذا اخفى آثار الذنوب في هذا الحال أو لهذا الشخص، وأظهرها في حال آخر ولشخص آخر، بل ذلك إليه سبحانه " لايسئل عما يفعل وهم يسئلون " ـ وإنما علينا الاعتبار والادكار.
وبهذا يعلم ان من الخير للعبد أن يرى أثر ذنبه، فيكون هذا بمثابة جرس تنبيه، وتذكير ليرجع إلى ربه، ولهذا قال بعض العلماء: البلاء يجمع بينك وبين ربك، والنعماء كثيرا ما تنسي العبد ربه.
وأما آثار الذنوب الباطنة فهي لاتتخلف أبدا، كما قيل في الأثر أن رجلا ممن كان قبلنا اسرف على نفس بالذنوب فكان يقول، كم أذنب ولا أعاقب، فأوحى الله تعالى إلى نبي ذلك الزمان أن يقول له: لقد عوقبت بأشد عقوبة ولكنك لا تشعر، قسوة القلب، عافنا الله تعالى من ذلك.
فالسيئات لابد أن يكون لها آثار على النفس ولهذا سميت السيئات سيئات، وإنما يهرب أهل السيئات عن آثارها بالملهيات، يلهون أسماعهم وأبصارهم بما يسكرها كما قال تعالى " لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون "، فيلهونها بالمعازف والصور، فإن لم تكفهم ألهوها بالخمور والمخدرات، ولو لم يفعلوا ذلك لماتت قلوبهم من الوحشة، ولنفقت نفوسهم من الضيق، نسأل الله تعالى العافية.
ولهذا قال تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " فهي لاتطمئن إلا بذكره، وأما من غفل عن ذكره، فهو في شقاء وضنك،ولايغرنك ضحكهم أمام الناس، ولاإظهارهم الفرح فإنهم إن خلوا عمن يؤانسهم فينسيهم ذكر الله، استوحشت أرواحهم من أجسادهم، وضاقت عليهم أنفسهم أضيق من سم الخياط، كما ذكر لي ذلك بعضهم ممن تاب.
أما قول القائل: لماذا لايستجيب الله تعالى للمسلمين فينصرهم، فنقول إن ثمة فرق بين استجابة الدعاء، وإعطاء الداعي ما سأل، فالله تعالى لايرد سائلا قط، لأنه كريم يستحي أذا رفع العبد إليه يديه أن يردهما صفرا، لكنه سبحانه إما أن يعطيه ما سأله، أو بدله من ثواب الاخرة، أو يصرف عنه من السوء بسبب دعاءه، فلايعدم الداعي خيرا قط.
¥