تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن قد رقدت، فكرهت أن أو فظك.وخشيت أن تستوحشي -فقال:إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم،قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال:قولي:السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون).أخرجه مسلم (3/ 14) والسياق له والنسائي (1/ 286، 2/ 160،160 - 161) وأحمد (6/ 221) والزيادات له إلا الاولى والثالثة فإنها للنسائي

الرابع: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي رآها عند القبر في حديث أنس رضي الله عنه: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال لها: اتقي الله واصبري .. ) رواه البخاري وغيره، وقد مضى بتمامه في المسألة (19) (ص 22)، وترجم له (باب زيارة القبور)، قال الحافظ في (الفتح): (وموضع الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حجة). وقال العيني في (العمدة) (3/ 76):

(وفيه جواز زيارة القبور مطلقا، سواء كان الزائر رجلا أو امرأة: وسواء كان المزور مسلما أو كافرا، لعدم الفصل في ذلك).

وذكر نحوه الحافظ أيضا في آخر كلامه على الحديث فقال عقب قوله (لعدم الاستفصال في ذلك):

(قال النووي: وبالجواز قطع الجمهور، وقال صاحب الحاوي: لا تجوز زيارة قبر الكافر وهو غلط. انتهى).

وما دل عليه الحديث من جواز زيارة المرأة هو المتبادر من الحديث، ولكن إنما يتم ذلك إذا كانت القصة لم تقع قبل النهي، وهذا هو الظاهر، إذا تذكرنا ما أسلفناه من بيان أن النهي كان في مكة،وأن القصة رواها أنس وهو مدني جاءت به أمه أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، وأنس ابن عشر سنين، فتكون القصة مدنية،فثبت أنها بعد النهي.فتم الاستدلال بها على الجواز، وأما قول ابن القيم في (تهذيب السنن) (4/ 350): (وتقوى الله، فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ومن جملتها النهي عن الزيارة). فصحيح لو كان عند المرأة علم بنهي النساء عن الزيارة وأنه استمر ولم ينسخ، فحينئذ يثبت قوله: (ومن جملتها النهي عن الزيارة) أما وهذا غير معروف لدينا فهو استدلال غير صحيح، ويؤيده أنه لو كان النهي لا يزال مستمرا لنهاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزيارة صراحة وبين ذلك لها، ولم يكتف بأمرها بتقوى الله بصورة عامة، وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى.

120 - لكن لا يجوز لهن الاكثار من زيارة القبور والتردد عليها،لان ذلك قد يفضي بهن إلى مخالفة الشريعة، من مثل الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة، وتضييع الوقت في الكلام الفارغ، كما هو مشاهد اليوم في بعض، البلاد الاسلامية، وهذا هو المراد - إن شاء الله - بالحديث المشهور: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ: لعن الله) زوارات القبور).وقد روي عن جماعة من الصحابة: أبو هريرة، حسان بن ثابت،وعبد الله ابن عباس.

1 - أما حديث أبي هريرة، فهو من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه. أخرجه الترمذي (2/ 156 - تحفة) وابن ماجه (1/ 478) وابن حبان 789) والبيهقي (4/ 78) والطيالسي (1/ 171 - ترتيبه) وأحمد (2/ 337)، واللفظ الاخر للطيالسي والبيهقي، وقال الترمذي:

(حديث حسن صحيح، وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي في زيارة القبور. فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء، وقال بعضهم: إنما كره زيارة القبور في النساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن).

قلت: ورجال إسناد الحديث ثقات كلهم، غير أن في عمر بن أبي سلمة كلاما لعل حديثه لا ينزل به عن مرتبة الحسن، لكن حديثه هذا صحيح لما له من الشواهد الاتية.

2 - وأما حديث حسان بن ثابت، فهو من طريق عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن ثابث عن أبيه به. أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 141) وابن ماجه (1/ 478) والحاكم (1/ 374) والبيهقي وأحمد (2/ 243) وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 98/ 2): (إسناده صحيح، رجاله ثقات).

كذا قال، وابن بهمان هذا لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي،وهما معروفان بالتساهل في التوثيق، وقال ابن المديني فيه: (لا نعرفه)، ولذا قال الحافظ في (التقريب): (مقبول) يعني عند المتابعة،ولم أجد له متابعا، لكن الشاهد الذي قبله وبعده في حكم المتابعة،فالحديث مقبول.

3 - وأما حديث ابن عباس،فهو من طريق أبي صالح عنه باللفظ الاول إلا أنه قال: (زائرات القبور) وفي رواية (زوارات).أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 140) وأصحاب السنن الاربعة و ابن حبان (788) والحاكم والبيهقي والطيالسي والرواية الاخرى لهما، وأحمد (رقم2030،2603،2986،3118) وقال الترمذي: (حديث حسن، وأبو صالح هذا مولى أم هاني بنت أبي طالب واسمه باذان، ويقال: باذام).

قلت: وهو ضعيف بل اتهمه بعضهم، وقد أوردت حديثه في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) لزيادة تفرد بها فيه، وذكرت بعض أقوال الائمة في حاله فيراجع (223).

فقد تبين من تخريج الحديث أن المحفوظ فيه إنما هو بلفظ ((زوارات)) لاتفاق حديث أبي هريرة وحسان عليه وكذا حديث ابن عباس في رواية الاكثرين، على ما فيه من ضعف فهي إن لم تصلح للشهادة فلا تضر، كما لا يضر في الاتفاق المذكور الرواية الاخرى من حديث ابن عباس كما هو ظاهر، وإذا كان الامر كذلك فهذا اللفظ ((زوارات)) إنما يدل على لعن النساء اللاتي يكثرن الزيارة.بخلاف غيرهن فلا يشملهن اللعن،فلا يجوز حينئذ أن يعارض بهذا الحديث ما سبق من الاحاديث الدالة على استحباب الزيارة للنساء، لانه خاص وتلك عامة. فيعمل بكل منهما في محله،فهذا الجمع أولى من دعوى النسخ،وإلى نحو ما ذكرنا ذهب جماعة من العلماء، فقال القرطبي: (اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج. وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال: إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الاذن لهن،لان تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء)

.... "

منقول من أحكام الجنائز للشيخ العلامة الألباني رحمه الله تعالى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير